بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة الإخوان
العدد 815
27 رمضان 1435 ه الموافق 25 يوليو-تموز 2014 م
*****************
تهنئة من فضيلة المرشد العام
بمناسبة عيد الفطر المبارك
يُسعدني أن أتقدَّم باسمي وجميع إخواني إلى الأمة العربية والإسلامية بخالص التهنئة بقدومِ عيدِ الفطر المبارك، سائلاً المولى تبارك وتعالى أن يُعيده علينا بالخيرِ واليمن والبركات، وأن يُمكِّنَ لدينه أن يسود، ولشريعته أن تحكم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وتهنئة خاصة إلى إخواني المرابطين في أرض فلسطين الحبيبة أن يثبت أقدامهم، وينصرهم على عدوهم، ويُوحِّد بين صفوفهم، وإلى كلِّ المجاهدين في أرض الله.
وتهنئة إلى عوائل الشهداء وإلى الإخوة الأحباب خلف الأسوار .. وأسأل الله عزَّ وجل أن يُفرِّج عنهم في أقرب وقتٍ، وأن يردهم إلى أهلهم سالمين غانمين مأجورين، وأن يُعلي بهم وبنا كلمة الحق والدين .
أ. د. محمد بديع
المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
*****************
هذا الأسبوع
عالم بلا إسلام هل إزالة الإسلام من التاريخ والعالم يمكنه أن ينهي ما يحدث اليوم؟
صحوة وبعث جديد، ثم خسوف أو كسوف أو تراجع أو انفضاض جماهيري، كلها تعبيرات تنطلق منذ سنين تخرج بها عناوين دراسات وندوات تعقدها مراكز دولية ومحلية على مساحات العالم كله تتحدث عن الإسلام والعاملين له تحت عنوان (الإسلام السياسي) بديلا عن الاسم التاريخي القديم (الإسلاميون) والذي أثرى الفكر السياسي والاجتماعي الإسلاميين في عصور الفقهاء والمجتهدين، وتنشغل هذه المراكز الآن في تقييم عمل الطروحات الجديدة وتجاربها المحلية والعالمية، وأهمها مواجهة تراث قرون من تيه دخلتها شعوب العالم الإسلامي حسب التصنيف التاريخي الذي فرضه صراع الحضارات على الكرة الأرضية وحتى على الفضاءات فوق الأرض وما تحت الأرض لتنتهي صورة هذا العالم وطبقا للكثير من هذه المراكز والندوات على أن هذا الكيان مجال دراستها هو شيء غريب على هذا الكوكب ولا صلة له به أصلا وأن الخلاف حوله يدور فقط حول كيفية التخلص منه وإنهاء وجوده.
لم يسعى الإسلاميون أو تيار الإسلام السياسي في بعثه الجديد إلى الخروج عن مساحات الإسلام الواسعة في إطار النص الواضح والمُجْمع عليه، مخالفين (عن غير رغبة في هذه المخالفة) بعض التيارات التي تقوقعت في الطائفية والبعض الآخر الذي تراجع خلف بعض المختلف عليه من تراث الفكر الإسلامي الفسيح من فقه وغيره حتى في طريقة اللباس والتعامل السياسي والمجتمعي، وغالى البعض في الخلاف حتى دخل بقناعة وإعجاب إلى إفرازات الانبهار بالجديد حتى لو خرج من دائرة الخلاف المقبول إلى الخروج عن غير المعقول بوعي أو بغير وعي ليعمل دون الاعتبار بإحداثه جديدا غريبا عن الإسلام تحت ظل المقولة الرومانية القديمة (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) وعبّر عنها الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات في خطاب موجّه إلى الشعب المصري أمام نواب البرلمان بقوله (لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة)، ليكون هذا التصريح الرئاسي هو القاعدة القانونية والدستورية التي تتعامل بها الدولة مع المخالفين لها، ثم يصبح بعد ذلك هو القاعدة القانونية الدولية للتصدي لإفرازات قضايا ساخنة جرت على ساحات الشعوب الإسلامية في العصر الحديث كالاحتلال العسكري أو قضايا الأقليات الإسلامية كبورما والفليبين وتايلاند أو كقضية كشمير، وقضايا شعوب الاتحاد السوفييتي السابق، وتأتي قضية فلسطين كأكثر القضايا رمزية عقيدة وسياسة واستراتيجية وفكرا، ويتبع كل ذلك قضايا ما أُطلق عليه الربيع العربي الذي برز فيه دور الإسلام السياسي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين ومثيلها من الجماعات لتكون هي ومن يحمل فكرها حتى ولو لم تكن هناك صلة عضوية نموذجا لتطبيق القوانين الأممية الجديدة، ورصيدا موجودا تحت الطلب لتحميله أي حادث أو أي عملية تخرج عن إطار القوانين السارية الصحيحة وتحت شعار الحرب على الإرهاب كما يحدث بالنسبة لأي حادثة تجري مثل إسقاط طائرات أو إحداث تفجيرات قبل أي تحقيق نزيه أو معرفة الفاعل حتى لو كانت الحادثة خارج العالم الإسلامي كله وإذا تم معرفة الفاعل الحقيقي من غير الإسلاميين يأتي الحكم القاطع بأن ما حدث كان خطأ غير مقصود، ليصل الأمر إلى حد المهاترة أو الخلل العقلي تلمسا للإحاطة بجماعة الإخوان المسلمين فيتم تحميلها (كمثال) عن طريق إعلام الانقلاب العسكري في مصر أسباب سقوط دولة الإسلام في الأندلس والتي سقطت قبل أكثر من خمسمائة عام.
في دراسته (عالم بلا إسلام) للمفكر الأمريكي (جراهام أي فولر) يتساءل ماذا لو لم يكن الإسلام موجودا؟ ثم يتحدث عن محاولات الغرب إلحاق الإرهاب بالإسلاميين ويقول عن أن ذاكرة الغرب تبدو قصيرة مستشهدا (بالعصابات الصهيونية التي قامت بأعمال إرهابية ضد القوات البريطانية في فلسطين، وبنمور التاميل الذين كانوا أول من اخترع الحزام الناسف، وبما حدث في اليونان ضد مبعوثين رسميين أمريكان، وأن عصابات السيخ هي التي قتلت رئيسة الوزراء أنديرا غاندي وأسقطت إحدى الطائرات، ويشير إلى الجيش الجمهوري الإيرلندي وما قام به المقدونيون قبل الحرب العالمية الأولى ... إلى بعض الأمثلة الأخرى، ويأتي جراهام فولر بأرقام مذهلة عن عمليات تم إدخالها تحت مسمى الإرهاب ساقها البوليس الأوروبي (اليوروبول) عام 2006م لتصل إلى 498 عملية داخل الاتحاد الأوروبي نفذتها جماعات انفصالية أوروبية لا تدين بالإسلام (سياسي أو غيره) في حين لم يقم من ينتسب إلى الإسلام في هذا العام على نفس الساحة إلا بعملية واحدة.
ويعترف الرجل بسبب الهجمة الأمريكية على شعوبنا بقوله (لو كان العالم بلا إسلام لاستطاعت الإمبريالية الغربية أن تحقق آمالها في تقسيم واحتلال وسيادة الشرق الأوسط بشكل أسهل)، ويقول أيضا (إذا كان الإسلام يكره التحضر، فلماذا كان عليه أن ينتظر حتى حادثة 11 سبتمبر في الولايات المتحدة ليعلن بداية هجماته؟ ولماذا تحدث كبار المفكرين الإسلاميين في مطلع القرن العشرين عن الحاجة للحداثة والتطور مع الحفاظ على الثقافة الإسلامية؟ إن قضية أسامة بن لادن في بداية حياته لم تكن الحداثة بشكل عام، لكنها كانت قضية فلسطين والتواجد الأمريكي في السعودية، والحكام السعوديين الواقعين تحت قبضة الولايات المتحدة، والصليبيون الجدد، إنه من المفيد أن نقول أن عام 2001م قد شهد قمة الغليان في العالم الإسلامي التي طالت الأراضي الأمريكية كرد فعل لأحداث تاريخية وسياسية أمريكية متراكمة، وإن لم تقع حادثة سبتمبر .. فإنه كان علينا انتظار مثلها).
ويعترف جراهام فولر في هذه الدراسة بالقول (إن عالما بلا إسلام سيظل تجري فيه الصراعات الدموية .. ويقول أنه على مدار التاريخ الإنساني توجد صراعات بسبب العرقية، والقومية، والطموح، والموارد، والزعماء المحليين، والمكاسب المالية، والسلطات، والتدخلات السافرة .. ففي مواجهة مثل هذه القضايا الممتدة عبر الزمان كيف لا يمكن للدين أن يلعب دوره؟) وهو بالطبع لا يقصد دين القياصرة!!.
أحداث هذا الأسبوع التي تصاعدت فيه مسارات هجمة الكيان الصهيوني وداعميه على قطاع غزة في فلسطين وكما صرحت مفوضية العلاقات الإنسانية في الأمم المتحدة في 23/7/2014م وصل معدل القتل فيه إلى طفل كل ساعة وذلك بعد ستة عشر يوما بالتحديد من بداية الهجمة الصهيونية، وأن ما يقوم به هذا الكيان على أرض غزة هو أقرب إلى جرائم الحرب وطالبت بفتح تحقيق دولي فيه، ومع ذلك تظل الآلة الإعلامية الصهيونية والعربية والدولية التابعة لها تعمل على إقناع العالم بأن المقاومين المدافعين عن حقهم هم وداعميهم ولو بالإعلام أو الدعاء الجهري في الصلوات ونشر فضائح الصهاينة القديمة والجديدة هم إرهابيون رغم أن قرار الأمم المتحدة لعام 1987م الذي قرر إدانة الإرهاب أعطى الحق للشعوب التي ترزح تحت نظم استعمارية أو عنصرية أو احتلال أجنبي أو تحت أي شكل من أشكال السيطرة الاستبدادية الحق في الكفاح ضدها والسعي إلى الدعم .. وتلقيه، وللتاريخ فقد امتنعت دولتان فقط على التوقيع على هذه الاتفاقية هما دولة الكيان الصهيوني وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، وليس السبب خافيا.
طروحات الإسلام السياسي التي يعبّر عنها فكر جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات التي تحمل مجرد هذا الفكر وطروحات المقاومة في فلسطين التي تَنَكَّرَ لقضيتها الكثيرون ومنها أنظمة عربية وإسلامية هذه الطروحات تجري وفقا لأحكام شرعية دينية صحيحة تطابقت معها قرارات الأمم المتحدة وتطابق معها سلوك المقاومين الفلسطينيين الآن الذين امتنعوا عن نقل مقاومتهم إلى خارج الأرض الفلسطينية وظلوا طوال الأسابيع الماضية حريصين على أن لا يُصاب مدني داخل الكيان الصهيوني، ولن تعتمد هذه الطروحات مهما طالت الأزمة أو المعركة تبريرا أورده (الإنسان) جراهام فولر بدراسته بقوله إزاء الظلم الواقع من القوى الكبرى تجاه الضعفاء (إننا نحيا في عصر يعتبر فيه الإرهاب خيار الضعفاء!!،) فلن تزحزح هذه التبريرات التي جاءت من مفكر أمريكي مسيحي ومع قسوة الأحداث أفرادا أو جماعات تلتزم في إدارة أزماتها بمبادئ قرآنية خالدة أولاها قول الله تبارك وتعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ..) وثانيها: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) وثالثها هو الوعد الإلهي الذي لا يتخلف (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون .. إن كنتم مؤمنين) لتكتمل صورة الإجابة العملية الواضحة عن سؤال حاول جراهام فولر أن يصل إليه بقوله:
(ماذا لو لم يكن الإسلام موجودا؟
تعد هذه الفكرة جيدة بالنسبة للبعض، فلن يوجد هناك صدام حضارات أو حروب مقدسة أو إرهابيين، هل يمكن للمسيحية أن تسود العالم؟ هل يمكن للشرق الأوسط أن يكون منارة سلمية للديمقراطية؟ هل كان من الممكن أن تقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ هل إزالة الإسلام من التاريخ والعالم يمكنه أن ينهي ما يحدث اليوم؟).
*****************
مقال الأسبوع:
الإسلام دين الأمة وسبب نهضتها
بقلم: الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز
نائب المرشد العام للإخوان المسلمين
نصَّ كتاب ربّنا على أن دين الله في جميع الأزمان هو إفراده بالربوبية والاستسلام له وحده بالعبودية، وطاعته فيما أمر به ونهى عنه، بما هو مصلحة للبشر، وعماد لسعادتهم في الدنيا والآخرة، قد ضمته كتبه التي أنزلها على المصطفين من رسله، ودعا العقول إلى فهمه منه، والعزائم إلى العمل به، وإن هذا المعنى من الدين هو الأصل الذي يرجع إليه عند هبوب ريح التخالف، وهو الميزان الذي توزن به الأقوال عند التناصف، وإن اللجاج والمراء في الجدل مفارقة للدين، وبعد عن سنته، ومتى روعيت حكمته ولوحظ جانب العناية الإلهية في الإنعام على البشرية، ذهب الخلاف وتراجعت القلوب إلى هداها وسار الناس جميعا في مراشدهم إخوانا بالحق مستمسكين، وعلى نصرته متعاونين، هذا ما قرأناه وتعلمناه.
فالأديان كلها ترمي إلى غاية واحدة: هي عبادة موجد الوجود وخالق الكائنات. أما صور العبادات، وضروب الاحتفالات مما اختلفت فيه الأديان سابقها مع لاحقها، والأحكام متقدمها مع متأخرها، فمصدر ذلك رحمة الله ورأفته فى إيتاء كل أمة وكل زمان ما علم فيه الخير للأمة والملاءمة للزمان، كما جرت سنته وهو رب العالمين بالتدريج في تربية الأشخاص، من خرج من بطن أمه لا يعلم شيئا، إلى راشد في عقله، كامل في نشأته، يمزق الحجب بفكره، يواصل أسرار الكون بنظره، كذلك لم تختلف سنته، ولم يضطرب هديه في تربية الأمم، فلم يكن شأن الإنسان في جملته ونوعه أن يكون في مرتبة واحدة من العلم وقبول الخطاب، من يوم خلقه الله، إلى أن يبلغ به من الكمال منتهاه، بل سبق القضاء بأن يكون في مرتبة واحدة من العلم وقبول الخطاب، من يوم خلقه الله، إلى أن يبلغ به ما قررته الفطرة الإلهية في شأن أفراده. ومن هنا تظهر حاجة البشر إلى الرسالة، وتتجلى رحمة الله تعالى بخلقه في تتابع إرسال الرسل إليهم بالأديان التي تناسب استعدادهم وأزماتهم، فبعثة الأنبياء صلوات الله عليهم من متممات وجود الإنسان، ومن أهم حاجاته في بقائه، ومنزلتها من النوع منزلة العقل من الشخص. نعمة أتمها الله؛ لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
الإسلام نهج لا إكراه فيه:
لقد استخلص فقهاء المسلمين من الكتاب والسنة وتراث الكبار من أئمتها قوانين مدنية تصل تشريعاتنا وحاجاتنا الحديث فيه بماضٍ فقهي مجيد زاخر وقادر بعظيم مبادئه ومرونة قواعده ومبانيه على أن الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية لشواهد ملموسة وتطبيقات محسوسة وحياة سعيدة لأنه واف بالحاجات الزمنية الجديدة، فجمعوا بذلك بين المعاصرة والأصالة، ذلك لأن طريق الخلود ليس في أخذ نظام لا أثر لنا فيه إلا الانسلاخ عن أصالتنا التي في كل أرض منها أثر، وفي كل حضارة عنها طريق الفضائل مع أصالتنا في أن ننشئ من جوهر رسالتنا منهج حياة، ولكن يستخدم نبعه العذب علاقات وتعاملات وتصورات تفي بحاجاتنا الحديثة فيكون بذلك أصله ثابتا وفرعه شامخا في السماء كما كان يفعل فقهاؤنا الأعاظم في تخريجاتهم وتجديداتهم الفقهية إزاء حاجات كل عصر ومصر.
ونحن بذلك لا نأبى الاقتباس من الغير، فإن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها. ولكننا أثرياء في المادة في حاجة إلى اقتباس الأساليب الحديثة في البحث بضوابطه الفقهية وقواعده الأصولية لتوائم بين القديم فلا نهدمه وبين الجديد فلا نهمله. أما أن نذوب فيما ندعو إليه من مناهج تتعارض مع ديننا وتصطدم بأصولنا وثوابتنا ومع هذا نساير القوم وتصبح هويتنا نسيا منسيا، فهذا هو إعلان الإفلاس وليس الأخذ والاقتباس، وهو عجز ليس فيه إبداع لا يليق بأمة لها ثرواتها الفقهية وماضيها التليد.
وليس هذا الذي نقول لونا من النرجسية أو إعلاء الذات، بل هي حقائق نطق بها غير المسلمين. وأشير هنا إلى مؤتمر مرّ عليه ما يزيد على خمسين عاما عُقد في فرنسا بترتيب من (المجمع الدولي للحقوق المقارنة) عام 1951، واجتمع المؤتمرون في كلية الحقوق بجامعة باريس للبحث في الفقه الإسلامي تحت اسم (أسبوع الفقه الإسلامي) برئاسة المسيو مونت - أستاذ التشريع الإسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس - دُعي إليه عدد كبير من أساتذة كليات الحقوق العربية والغربية وكليات الأزهر ومن المحامين الفرنسيين والعرب وغيرهم، ومن المستشرقين، ومن خلال المناقشات وقف نقيب المحامين في باريس وقال: "أنا لا أعرف كيف أوافق بين ما كان يُحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلوحه أساسا تشريعيا يفي بحاجات المجتمع العصري، وبين ما نسمعه الآن في المحاضرات ومناقشاتها مما يثبت خلاف ذلك تماما ببراهين النصوص والمبادئ".
ولقد أجمع الحاضرون على أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمتها التي لا يمارى فيها، وأن اختلاف المذاهب الفقهية ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات والأصول هي مناط الإعجاب، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها.
وليست هذه الشهادة هي الوحيدة بذلك، فما أكثر المنصفين من الباحثين من غير المسلمين في الغرب الذين لا عد لهم ولا حصر والذين شهدوا بنصاعة الإسلام وشموله كمنهج حياة.
ونحن نذكر ذلك حتى لا يظن ظان أننا نستعلي على أحد، بل إن هذا هو المنهج الإسلامي الذي علمنا كيف نعترف بالآخر ونحترم ما يحمله من فكر دون إكراه أو إجبار أو تسلط عليه، فقرآننا هو الذي وجهّنا إلى الرد على المخالفين بقوله: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 111) وكيف نبسط قضيتنا أمام المخالفين، فنقل (وَإنَّا أَوْ إيَّاكُمْ لَعَلَى هُدى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (سبأ: 24)، على الرغم من أننا على ثقة مما نقول؛ إذ إن ما نقوله مستمد من كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وفقهاء سلف هذه الأمة الذين وضعوا ذلك موضع التنفيذ وكان يقول كل منهم: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، وذلك حين يكون المجال اجتهادا، أما ثوابت الإسلام باقية بقاء الليل والنهار، وهي محفوظة بحفظ الله لها، فلا احتمال في صحتها بل هو اليقين.
فأين هذا مما نراه اليوم من العولمة والغطرسة وفرض الآراء بالقوة، وكأن كل فرعون يحكم في هذا الزمان يردد ما قاله فرعون الأمس البعيد (مَا أُرِيكُمْ إلا مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَاد) (غافر: 29).
فهو لا يرى إلا بعين واحدة تصوب تجاه المادة والتقدم العلمي والتقني حتى أصبح هذا هو دين أتباعه ودينهم وشرعهم ومشروعهم ومقياسهم ومرجعيتهم، بعد أن طلقوا الأخلاق طلقة بائنة لا رجعة فيها، فأصبح نظامهم كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار؛ لأنها تركت منهاج ربها فأصيبت بالعمى، مصداقا لقول الله: (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) (الرعد: 19) فهل يستوي الخبيث والطيب، أم هل تستوي الظلمات والنور؟ لا يستوون والحمد لله رب العالمين.
الذي نريد أن نؤكده أن عودة المشروع الذي ندعو إليه ليس مشروع فرد من الأفراد لأن الإسلام دين الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، بل لا حتى مشروع جماعة من الجماعات ولكنه مشروع أمة يربو تعدادها على المليار نسمة يتوزعون على بقاع العالم، فيهم صفوة مختارة من العلماء والمفكرين والأدباء والكتاب والمخترعين وأصحاب التخصصات المختلفة، وهؤلاء يشكلون الطليعة والنخبة المتميزة التي لا يمكن أن تقود الأمة إلى بر الأمان إن انشغلوا بأحوال أمتهم ووحدوا صفوفهم من أجل حل مشكلاتهم ومستقبل أمة الإسلام فيحددون لها طريق الخلاص والتحدي والصمود ويسعون إلى إزالة الظلم الواقع على الكثير من الشعوب الإسلامية.
إن الأمر يبدو خطيرا جدا؛ فالأمة الإسلامية تتعرض للإبادة المنظمة والبطيئة والمستمرة من عقود طويلة وحتى الآن، والشعوب الإسلامية ما زالت تلاقي الويلات والمصائب والكوارث ولا أحد يقف الموقف العادل والمنصف من قضايا المسلمين، والأدهى من ذلك أنه يرسم أعداء الأمة الإسلامية مستقبلها ويتدخلون فيه.
ولهذا فإن المسلمين في حاجة إلى الوعي مع الإيمان والكياسة والفطانة والحكمة والدقة في التخطيط لمواجهة هذا كله.
إننا جميعا مدعوون إلى استنهاض عزائم المسلمين وبذل الجهد والعودة بهم إلى دينهم؛ فإن قوتهم تكمن في تمسكهم بدينهم ودفاعهم المستميت عنه، فلا عزة لنا جميعا في غيره، ولا بقاء لنا من دونه، ورضوان الله على عمر بن الخطاب حين قال: "كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام، فمن ابتغى العزة في غيره أذله الله".
لهذا كله، فإن مشروعنا الإسلامي مشروع شعوب مسلمة تتحرق شوقا وأملا في أن تحيا بالإسلام وتعيش له وبه كي تتبوأ مكانتها بين العالمين، وتنهض بواجبها المقدر من رب العالمين (وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وسَطا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا) (البقرة: 143)، إنه المشروع الذي يهدي للتقى وإرشاد الطريق المستقيم الذي يحقق للأمة هويتها الذاتية وشخصيتها المتميزة واستقلالها الاقتصادي وإراداتها السياسية حتى لا تذوب في شرق ولا غرب، وحتى تخرج من حالة المسخ التي تردت إليها من أثر التخلف والجمود من ناحية، والغزو الاستعماري الفكري والعسكري من ناحية أخرى .. بل من الحكام المفسدين الذين أضاعوا البلاد والعباد وعاثوا في الأرض فسادا (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
*****************
أخبار الدعوة
بيان صحفي من جماعة الإخوان في سورية حول العدوان على غزة
صمود غزة العزة دعم لثورات الربيع العربي
وسط صمت مريب من قبل أطراف دولية وإقليمية، يرتكب العدو الصهيوني مجازر متصلة لليوم العاشر على التوالي بحق الأبرياء الآمنين في قطاع غزة المحاصر عربياً ودولياً بقصد تركيعه وإذلاله.
بعدوان الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة تكتمل أضلاع المثلث الخطر الذي يحاصر المجتمعُ الدولي منطقتنا وشعوبها بين زواياه منذ أن تنسمت عبير الحرية قبل نحو ثلاث سنين ... بدءاً من محاولات احتواء ثورات الشعوب على أنظمة فاسدة وليس انتهاءً بدعمٍ لا متناهٍ لديكتاتورياتٍ أرهقت شعوبها بغياً وعدواناً على مدى عقود.
وإننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية إذ نقف مع أهلنا في غزة الذين يضربون - وعلى مدى سنوات طويلة - أروع الأمثلة في الصمود والصبر والتحدي .. فإننا نؤكد على التالي:
أن مقاومة الشعب الفلسطيني وصموده بلغت مديات لم يكن ليتصورها العدو الصهيوني.
إن توقيت هذا العدوان الآثم يراد منه إلحاق هزيمة نفسية بالثوار على مستوى المنطقة .. ليتراجعوا عن حلمهم بكسر سطوة الاستبداد والطغاة .. وأن رعب الكيان الصهيوني وداعميه من ثورات الربيع العربي يوازي رعبهم من مقاومة الشعب الفلسطيني وبسالته الأسطورية.
إن محاولة العودة بالمنطقة والشعوب إلى ما قبل شتاء 2011 تتحطم على صخرة المقاومة الحقيقية الصادقة لشعوب المنطقة الثائرة.
إن أي مبادرة تهدف إلى حصار المقاومة الفلسطينية ومنعها من تحقيق أهدافها هي خيانة للقضية الفلسطينية برمتها وعمالة لأعداء الأمة.
فيا أهلنا الأبطال في غزة العزة .. قاتلوا عدوكم وأذيقوه من بأسكم .. والله ناصركم ولن يتركم أعمال.
(ولقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)) (الصافات).
الإخوان المسلمون في سورية
20 رمضان المبارك 1435 هـ الموافق 18-7-2014م
من بيان جماعة الدعوة والإصلاح الإيرانية
حول العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد قطاع غزة
مرة أخرى، كشفت المجازر الصهيونية بحق الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين العزل عن حقيقة الكيان الصهيوني الغاصب، وهي صفحة جديدة في سجله الإجرامي الوحشي، والتي زادت من الوعي العالمي بطبيعة هذا الكيان وسياساته اللاإنسانية.
لا شك أن العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة في شهر رمضان الفضيل، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، والأزمات الداخلية التي تعاني منها الدول العربية والإسلامية، يرمي إلى تحقيق أهداف خبيثة، إذ تختبر حكومة نتنياهو من خلال هذا العدوان وعبر استغلال هذه الأوضاع الإقليمية، إمكانية تنفيذ مشاريعها السابقة الفاشلة، علها تتمكن في ظل الأوضاع الإقليمية المتدهورة، والصمت الدولي المطبق، وانحياز الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية للكيان الصهيوني، من تنفيذ ما عجزت عن تحقيقها خلال السنوات المنصرمة عبر الحصار وحربي 2008 و2012م.
وفي هذا السياق، إذ تندد جماعة الدعوة والإصلاح الإيرانية بالجرائم الصهيونية الجديدة في غزة، تطالب المؤسسات الدولية الفاعلة بكسر صمتها إزاء هذه الجرائم، وإتخاذ موقف جاد حيال الإنتهاكات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقتل الفلسطينيين بلا رحمة. كذلك، يُتوقع من الدول العربية والإسلامية، وخاصة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها أمام الشعب الفلسطيني، وإتخاذ خطوات عملية جادة لإنهاء الحرب على قطاع غزة بشكل نهائي، والحد من حصار غزة، وسياسة تهويد القدس والإستيطان في الضفة الغربية والسياسات المجحفة ضد الفلسطينيين.
كما نناشد المسلمين كافة، ولاسيما أعضاء ومؤيدي الجماعة في هذا الشهر المبارك وليالي القدر الدعاء لخلاص الشعب الفلسطيني المظلوم، وجميع الشعوب القابعة تحت نيران الظلم والاستبداد والخلافات الداخلية والنعرات الطائفية، وتحمل مسؤولياتهم من خلال تقديم الدعم المالي والفكري للشعب الفلسطيني المسلم الذي يدافع عن القدس وقبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم.
تصريح صحفي من الإخوان المسلمين
بشأن مذبحتي الفرافرة في مصر
والشجاعية في غزة فلسطين
إن الإخوان المسلمين ليعتصرهم الألم وهم يتابعون ما يقع على أرض مصرنا الحبيبة وفلسطيننا السليبة، فإنهم يدينون حادث الإعتداء الإرهابي الذي وقع على مركز الفرافرة الحدودي في الوادي الجديد ويتقدمون بخالص تعازيهم إلى أسر ضحايا الحادث الأليم ويدعون العلي القدير بسرعة الشفاء للمصابين، ويؤكدون في الوقت نفسه إن هذه الدماء البريئة التي تسيل على أرض مصر الطاهرة، ويحملون المسئولية الكاملة عن هذا الحادث لسلطة الانقلاب العسكري المنشغلة بالحفاظ على اغتصابها لثورة الشعب المصري المستمرة وتأمين ضربها عرض الحائط، بحقوقه في حكم نفسه بنفسه والوقوف في صف أعداء الأمة وخذلانها لقضاياها العادلة وفي مقدمتها قضيتها الأولى "فلسطين"، وهم على ثقة بأنه سيأتي اليوم الذي يسترد فيه الشعب ثورته وينال حقوقه كاملة ويحاسب كل من ساهم في خذلانه وإضاعة مصالح أمته.
كما أنهم يعيدون إدانتهم الكاملة لاعتداء جيش الكيان الصهيوني على غزة العزة والفخار وما يرتكبه من مجازر ينتقم بها من فشله أمام صمود أهلها الاباة ومقاومتها الشجاعة الباسلة وآخرها مجزرة حي الشجاعية التي راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا ومئات المصابين من المدنيين العزل التي سوف تكون دمائهم وجراحهم لعنة عليه إن شاء الله.
والإخوان المسلمون وهم يحيون صمود الشعب الفلسطيني البطل في غزة وفي كل أرضه ، فإنهم يستنكرون دعم القوى المؤيدة للكيان الصهيوني المشجع على هذه الوحشية ويدينون عجز المجتمع الدولي عن إيقاف هذا العدوان البربري، فإنهم يطالبون كل شرفاء العالم وقواه المحبة للعدل بضرورة العمل على إيقاف هذا العدوان ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمة المنافية لكل القواعد والأعراف الإنسانية والمواثيق الدولية.
د. محمود حسين أحمد - الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين
22 من رمضان 1435 هـ الموافق 20 يوليو- تموز 2014م
بيان من الإخوان المسلمين
غزة لن تركع
الحزب الإسلامي العراقي:
تدمير البنى التحتية للمحافظات المنتفضة وسيلة لتعويق تحولها إلى إقليم
*****************
أمين عام التجمع اليمني للإصلاح في اليمن
يطالب بالتحقيق في سقوط عمران
وتحديد المتسبب في ذلك
اعتبر أمين عام التجمع اليمني للإصلاح عبد الوهاب الآنسي، أن ما حدث في محافظة عمران إحدى أمرين إما "عجز" من الدولة أو "خيانة" مطالباً بالتحقيق وتحديد المتسبب في ذلك.
وقال في لقاء جمعه يوم الثلاثاء الماضي بقيادات المؤسسات الإعلامية ومراسلين من وسائل إعلامية خارجية خلال مأدبة إفطار نظمتها الدائرة الإعلامية للإصلاح: "ثمة عوامل محلية وإقليمية ودولية طرأت في عمران ومنها أن الحوثي وجد لها أنصاراً من النظام السابق وكذلك وجود دول إقليمية مناهضة للربيع العربي، فضلاً عن التوجه الدولي لإثارة الحرب الطائفية أو الصراع الطائفي في المنطقة".
وأوضح أمين عام الإصلاح أن الدولة التي كان ينبغي أن تقوم بدورها في حماية مؤسساتها وحماية المواطنين هي من مدت يدها إلى المواطنين المستهدفين في عمران والذين هم مع الشرعية واستمرار الدولة بعد أن ذهبوا إليها يطلبون منها أن تقوم بواجبها في الدفاع عنهم كمواطنين يمنيين إزاء جيش من المليشيات المزودة بالكاتيوشا والدبابات والمصفحات.
وأشار إلى أن الإصلاح منذ تأسيسه لم يكن مع مذهب ولا ضد طائفة وإنما هو حركة سياسية خلاصة ما تريده هو أن يكون الشعب وحده مصدر السلطة وصاحب القرار في اختيار من يحكمه.
واستبعد أمين عام الإصلاح أي نية لدى حزبه في الانسحاب من حكومة الوفاق التي قال إن المشاركة فيها تضحية وأي انسحاب منها تنصل عن اتفاقية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تحكم هذه الحكومة – على حد تعبيره.
ودعا الأنسي الشعب إلى الإيمان بأن المشاكل التي تعيشها اليمن لن تزول إلا بجهود كل اليمنيين وأن أي تعثر في العملية السياسية سيدفع ثمنه الجميع، مؤكداً اعتماد الإصلاح بعد الله تعالى على حكمة الشعب اليمني في إدراك الواقع وتجاوز العتمة والضبابية الحاصلة والقيام بواجبه عن قناعة.
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
يعتبر تهجير المسيحيين من بعض محافظات العراق
مخالفاً للشرع الإسلامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد؛
يندِّد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعمليات التهجير القسري للإخوة المسيحيين في العراق من بيوتهم ومدنهم ومحافظاتهم، وهي أعمال مخالفة للشرع الإسلامي، وللضمير الإسلامي، ولا تترك إلا صورة سلبية سيئة عن الإسلام والمسلمين ، وتتناقض مع حقائق الإسلام الذي شمل الناس جميعاً بمبادئ العدل والإحسان، وقيم البر والتسامح، التي دلَّ عليها قوله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8). وبامتثال هذه المبادئ قدَّم المسلمون نماذجَ رائعة في التعامل مع غير المسلمين في أشدِّ الأوقات صعوبة، ممَّا دعا الآلاف إلى اعتناق الإسلام والاندماج في المجتمعات الإسلامية والتعايش معهم في الوطن الواحد.
كما يطالب الاتحاد تنظيم ما يُسمّى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام، والذي افتأت على المسلمين بإعلانه الخلافة المزعومة: أن يسمح للإخوة المسيحيين في الموصل بالعودة إلى ديارهم، فهم من أبناء العراق الأصليين، وليسوا دخلاء عليه، ويجب السعي على وأد الفتنة، وتوحيد الصف، وحل مشكلات العراق العريق، بدلاً من إقحامه في أمور تزيد من تعقيد المشهد الحالي، ولا تخدم سوى مؤامرات الأعداء الساعية إلى تفتيت العراق، بل تفتيت الأمة العربية والإسلامية بالكامل.
وكنا نودُّ من هذا التنظيم إن كان يعيش في عصره أن يطالب مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العالمَ أجمع بإعادة النظر في طريقة التعامل مع المسلمين في مناطق عديدة، وخاصة فلسطين وما يقع على الفلسطينيين من تهجير وتشريد وتدمير وقتل ومجازر، وما يحاك من مؤامرات ضدّ المسلمين في بلاد كثيرة مثل: سريلانكا والهند وإفريقيا الوسطى وغيرها، ممَّا يسبِّب تأجيج الصراع على أسس مذهبية وطائفية، ويدخل العالم في دوامة صراع لن تنتهي، إلا بعد أن تأتي على الأخضر واليابس.
وينادي الاتحادُ العالم الحر - إن كان يسمع النداء وفيه بقية من الحياة - أن يقف مع المظلومين المضطهدين الذين سُلبت حقوقهم، فتحقيق العدل واستعادة الحقوق لأصحابها سيوقف الصراعات والنزاعات والحروب، وينهي صور التطرف من كافة الأطراف.
إنَّ إيقاظ الفتنة شر ٌّ عظيم، ويجب على الناس جميعًا التعاون في معرفة أسبابها، والسعي لقطع دابرها، وإطفاء شرارتها، بل إخماد نارها.
حفظ الله تعالى العراق وكلَّ بلاد العرب والمسلمين من الاقتتال الداخلي، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21).
أ. د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد
أ. د. علي القره داغي الأمين العام
الدوحة 24 رمضان 1435 هـ الموافق 22 يوليو 2014م
*****************
كيف ترك البروفيسور "كارنر" "ناسا" الأمريكية
واعتنق الإسلام؟
هكذا يقيد الإسلام شهوداً له في الكون ليقذف من حين لآخر بشاهد جديد يقف أمام محكمة الأديان ناطقاً بكلمة الحق أمام قضاتها ومستشاريها، مستتنداً بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، فمنهم من يغلب عليه هواه، ومنهم من يعترف .. "تالله إنه لدين الحق".
"كارنار"، من أبرز علماء الفضاء، لم يتمالك نفسه عندما قاده علمه إلى شاهد جديد في الفضاء ليبلغه أن الإسلام هو دين الحق، وذلك عندما أثبت أن الأشعة الكونية بالغلاف الجوي بالأرض أخطر بكثير من الأشعة النووية، وأنه لا يمكن اختراق هذه الأشعة من قبل المركبات الفضائية إذ تتعرض للحرق، إلا عن طريق نافذة واحدة في هذا الغلاف، والتي تم اكتشافها تحت مسمى شباك "وان ألان"، ليكتشف كارنر بعد ذلك أنه لم يأت بجديد، فالباب ذاته مسجل في كتاب المسلمين، في قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)، ليعلن إسلامه على الفور مضحياً بوظيفته في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
*****************
شؤون مصرية
التاسعة على الجمهورية بالثانوية الأزهرية:
"مرسي كرمني في المنام"
الحرية والعدالة:
حل الحزب يخالف الدستور ومبني على تقارير أمن الدولة
*****************
د. محمد مرسي والمقاومة الفلسطينية
قضى د. محمد مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية عام في الحكم، ومر عام آخر على الانقلاب العسكري الغاشم، وشتان بين عهد وعهد.
ومرت المقاومة الفلسطينية بحربين في العهدين:
طير الأبابيل في وجود د. مرسي.
والعصف المأكول في عهد الانقلابيين.
وبين الموقف الرسمي المصري هوة كبيرة بين العهدين نقرأها في التالي:
ارتقى د. مرسي بمستوى العلاقات مع قيادات المقاومة فلم تعد اللقاءات قاصرة على أجهزة المخابرات وإنما أصبحت ملفات رئاسية تدار في القصور الرئاسية بحضور واهتمام وسائل الإعلام العالمية،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
خفف د. مرسي كثيرا من معاناة أهل غزة في قضايا الحصار والأنفاق والسلع والبضائع وفتح المعبر وتوالت الزيارات والوفود المحلية والدولية إلى غزة عبر الأراضي المصرية وبتنسيق كامل مع الرئاسة المصرية،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
أطلق د. مرسي كلمات خالدة صادقة تسطر بحروف من نور صارت مضرب الأمثال وعنوان الثبات والصمود في أوقات الصعاب (لبيك يا غزة، قلوبنا تشتاق للمسجد الأقصى، احذروا غضبة المصريين شعبا وقيادة جمهور ورئاسة)،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
قاد د. مرسي انتصار المقاومة في 2012م بفرض شروطها لوقف إطلاق النار فلم تتوقف الحرب إلا بشروط المقاومة وفي الوقت التي حددته،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
تتابعت الزيارات والوفود الشعبية والرسمية على غزة من العلماء والشباب والثوار والرموز والسياسيين .. ولا سيما زيارة د. هشام قنديل رئيس الوزراء المصري في وسط خط النار والحرب مستعرة،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
ذكرت بعض المواقع الأمريكية والإسرائلية والغربية بصفة عامة لما رأت إنجازات المقاومة في عملية العصف المأكول ذكرت أن د. مرسي حصن وساعد وقوى ودعم وساند وساعد وسلح المقاومة الفلسطينية بإمكانات عالية للدفاع عن نفسها،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
إعادة فتح معبر رفح بصورة شبه مستمرة على أنه معبر مصري فلسطيني بدون رقابة دولية ولا تدخل صهيوني وأصبح ذلك أمر واقع على الأرض،
وهذا ما لم يكن موجودا قبل ولا بعد د. مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
*****************
أخبار فلسطينية
مشعل: نطالب برفع الحصار أولاً قبل أي اتفاق للتهدئة
دعا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إلى رفع الحصار فورًا عن قطاع غزة وقبل الحديث عن أي اتفاق للتهدئة، مشددًا على ضرورة فتح المعابر والسماح لقوافل الإغاثة بالوصول إلى قطاع غزة.
وقال مشعل، في مؤتمر صحفي عقده مساء الأربعاء 23 يوليو 2104 "إن مطالبـنا للتهدئة مشروعة، وقدمناها لتركيا وقطر ومصر والسلطة الفلسطينية وللجميع، ومن يستطيع إنجـازها نرحب بجهده"، وأضاف "لن يستطيع أحد نزع سلاح المقاومة، وهناك شرطان لنزع السلاح، هما انتهاء الاحتلال والاستيطان ونزع سلاح إسرائيل".
وأشار إلى أنه "بعد مبادرة كلٍّ من تركيا وقطر للتهدئة بدأنا نسمع بمبادرات أخرى ونحن لا نعترض على دور أحد"، موضحًا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هو من اتصل بوزيري خارجية تركيا وقطر وطلب منهما التواصل مع "حماس" من أجل التهدئة"، مشددًا في الوقت ذاته على أن "حماس" لا تقبل بمبادرات تسعى إلى "الالتفاف على مطالب المقاومة، وستقبل بأي تهدئة إنسانية تسمح بإغاثة أهل "غزة".. وأكد القائد الفلسطيني على أن المقاومة قد أثبتت أنها "لم تكن نائـمة أو مشغولة بتجارة الأنفاق بل أبدعت في الأنفاق والإعداد للمواجهة، وكانت تخدم وتسهر من أجل شعبها".
وبيّن أن نتنياهو هو من بادر إلى التهدئة بعد أن شعر أنه في ورطة، "والعدو فوجئ بقوة المقاومة ونفسها الطويل".
وشدّد على أن "مقاومة المحتل الصهيوني واجب وشرف، وأن الاحتلال هو من بدأ المعركة بجرائمه بالضفة والقدس، وفي غزة شعب حي ورجال قاوموا المحتل، وسوف نرد العدوان فلدينا مقاومة عاقلة وراشدة (..) في غزة أسود لا بقبلون الاحتلال والعدوان".
وأشار مشعل إلى أن العدو تفاجأ برد الفصائل العسكرية في غزة على عدوانه، فهو ظن أن المقاومة في غزة منهكة ومتعبة ولكنه واهم، فالمقاومة رفعت رؤسنا عاليا ونفخر بهم ونتشرف أن نخدمهم، (..) المقاومة أثبتت أنها كانت تعد وتصنع للمرحلة القادمة وأصبحت آية ونموذجا.
وقال إن "كتائب القسام إذا قالت صدقت وإذا وعدت أوفت، (..) لا يستطيع أحد نزع سلاح المقاومة ولن يكسرها أحد". وبين أننا "واجهنا في الميدان الجنود والقادة والنخبة وركزنا عليهم، ونحن أصحاب الأرض الحقيقيون وهم لصوص الأرض".. وشدّد على أن شعبنا هو الضحية رغم الصمود والانتصار، "ولن نقبل أن يتعامل أحد معنا بفوقية، فغزة صنعت سلاحها وحاربت دفاعاً عن نفسها".
ودعا مشعل لفتح المعابر التى هي ملك العرب وأن يُسمح للقوافل بالدخول، مرحبا بجهود الجميع لوقف العدوان وإنهاء الحصار.
وبيّن أن جميع رسائل الأسرى وصلت، "وسنحرركم قريبا بإذن الله". ودعا كيري كما ذهب إلى رام الله الذهاب إلى غزة ففيها القرار الميداني.. ولفت إلى أن حماس على اتصال مع الفصائل ونحن صف مقاوم موحد والتقينا الإخوة في فتح أيضا من إطار السلطة.
وردا على سؤال أحد الصحافيين حول إقدام نتنياهو على الانسحاب من المعركة من طرف واحد؛ قال "لنا حلولنا أيضا لقاء ذلك".
وأشاد بصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وقدرة تحمله للويلات التي حلّت به، مشدّداً على أن حركته لن تخذل أهل غزة الذين طالبوها بألا ترضى بأقل من كسر الحصار.
وقال "لن نخذل أهل غزة (...) إن كنتم تموتون صموداً فأنا وإخواني في حماس لن نخذلكم ومستعدون للشهادة في سبيل ذلك، أنتم أمنتمونا وطالبتمونا بكسر الحصار ونحن لا نخون الأمانة".
ودعا مشعل، الدول والحكومات والشعوب والمنظمات الإنسانية إلى أن تهب سريعاً لنجدة غزة ونصرتها.
ودعا مشعل، السلطة الفلسطينية في رام الله إلى الانسحاب من المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً "نريد أن نصطف في صف واحد .. نريد أن نطوي صفحتي المفاوضات والتنسيق الأمن".
وأهاب رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" بأهالي الضفة الغربية المحتلة أن تهبّ لنصرة قطاع غزة، قائلاً "يا أهل الضفة غزة انتصرت لكم فأنتصروا لها لتعود المقاومة تسري في روح أهل الضفة وتنتصر لنفسها وللقطاع دون عودة إلى الوراء".
*****************
اعتقال 931 من القدس والداخل خلال 3 أسابيع
"شيماء" صاروخ صهيوني أباد عائلتها وأبقاها وحيدة
غزة رمز العزة
القرضاوي: نصرة غزة واجب على كل مسلم في جميع أنحاء العالم
*****************
23 حقيقة عن قطاع غزة
يقع قطاع غزة على شاطئ البحر المتوسط بين مصر والكيان الصهيوني.
طول القطاع 41 كم وعرضه يتراوح بين 5 حتى 15 كم. ويمتد على مساحة 360 كلم مربع.
بعد هزيمة الجيوش العربية سنة 1948، نشأ قطاع غزة على مساحة تقل عن 2 في المئة من مساحة فلسطين.
ظل القطاع تحت الانتداب البريطاني ثم الإدارة المصرية حتى نكسة 1967، أي طيلة 19 عاما.
احتلت إسرائيل قطاع غزة سنة 1967 مع ما احتلته من أراض عربية، حتى سنة 2005، حين انسحبت منه بشكل آحادي.
مع توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، أصبح القطاع مشمولا بالحكم الذاتي.
بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية في الانتخابات التشريعية في 2006 والعراقيل التي وضعت في طريقها استطاعت الحركة أن تستخلص حكم قطاع غزة في 2007.
قطاع غزة هو المكان الأكثر كثافة سكانية في العالم حيث يسكنه نحو مليوني نسمة بحسب إحصاء 2011. ومدينة غزة هي الأكثر كثافة في القطاع ويسكنها أكثر من نصف مليون شخص.
يضم القطاع عدة مخيمات للاجئين أبرزها رفح وخان يونس ودير البلح والنصيرات والشاطئ والمغازي والبريج وجباليا.
يوجد بقطاع غزة 44 تجمعا سكانيا أهمها غزة ورفح وخان يونس وبني سهيلا وخزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة ودير البلح وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا.
بعد انسحاب إسرائيل من غزة في 2005، عملت على تطويق القطاع من خلال تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر الحدودية التي تتحكم فيها إسرائيل عدا واحد تتحكم فيه مصر.
تحيط بقطاع غزة سبعة معابر لا يدخل القطاع ولا يخرج منه شيء دون المرور بأحدها، وتخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل، والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح.
لكل معبر من المعابر الستة الأولى تسميتان، إحداها عربية والأخرى إسرائيلية.
والمعابر هي رفح، والمنطار (كارني) وكرم أبو سالم (كيرم شالوم) وبيت حانون (إيريز) والعودة (صوفا) والشجاعية (نحال عوز) والقرارة (كيسوفيم). ويقع الأول على الحدود بين القطاع ومصر، والستة الأخرى بين غزة و"إسرائيل".
منذ أن استلخصت حماس الحكم في القطاع، أغلقت مصر معبر رفح معظم الأوقات، وكانت تفتحه في مناسبات قليلة لأسباب إنسانية والسماح بمرور الحجاج.
نظرا لتشديد الحصار على القطاع أنشأت حماس شبكة من الأنفاق الحدودية بينها وبين مصر قدرت بأكثر من 1400 نفق، وهذه الأنفاق استخدمت في عبور الأشخاص والبضائع والأسلحة من وإلى القطاع.
بشكل رسمي يسمح لدخول البضائع عبر معبر كرم أبو سالم ومعبر كارني والمعبران تتحكم فيهما إسرائيل.
في أواخر التسعينيات سمح للفلسطينيين بفتح مطار في غزة، لكن المطار لم يستخدم منذ الانتفاضة الفلسطينية في 2000.
منذ انسحاب دولة الكيان الصهيوني من القطاع في 2005 تعرض للعديد من هجمات التي يشنها جيش الكيان الصهيوني:
* هجوم 2008 قتل فيه 1300 فلسطينيا معظمهم من المدنيين، كما قتل 13 جنديا إسرائيليا.
* هجوم 2012 وقتل فيه 167 فلسطينيا على الأقل. وأعلنت هدنة بعد ثمانية أيام من القتال برعاية مصرية.
* هجوم 2014، وقتل فيه 410 شخصا وأصيب أكثر من 3000 معظمهم من المدنيين، حتى اليوم الرابع عشر من الهجوم.
يوميات العدوان على غزة العزة
(3)
بتصرف من سلسلة كتابات بقلم أ. مصطفى اللداوي
الهدنة وأماني الشعب
لا تعتقدوا أن المقاومة الفلسطينية حرة في تقرير الهدنة التي تريد، أو الموافقة بمفردها ومن تلقاء نفسها على شروطها، والالتزام ببنودها، والإقرار بضوابط وقف إطلاق النار، وتوقف كافة العمليات العسكرية، أو اختيار التوقيت والزمان المناسب للموافقة عليها، فهي ليست وحدها من يقرر، مهما بلغت قوتها، وتعاظمت شعبيتها، وأياً كانت عملياتها العسكرية، ونجاحاتها الميدانية، وإن هي أوغلت في صفوف العدو وأوجعته، وأثخنت فيه وآلمته، وانتصرت عليه في جولات، أو كسبت بعضها بالنقاط، أو حالت دون أن يحقق نصراً عليها، أو منعته من اجتياح القطاع، وخوض معركة بريه معه، وسوق رجاله إلى القتل أو الاعتقال.
المقاومة ليست مطلقة اليدين، وليست حرةً في تقرير المصير، ولا تستطيع أن تبرم اتفاقاً، أو أن تصادق على هدنةٍ أو تفاهمٍ، دون الرجوع إلى الشعب وعامة الناس، فالشعب الفلسطيني شريكها في المعركة، ورفيقها في القتال، ومعها في الميدان، وقبلها وسابقها في المقاومة، وهو ملهمها في الجهاد، وموجهها في القتال، إذ هو شعب الجبارين الصامد، الذي لا يئن ولا يشكو، ولا يلين ولا يخضع، ولا يذل ولا يخنع.
الشعب لن يقبل وقفاً لإطلاق النار، أو إقراراً لتهدئةٍ مؤقتة، تجيز للعدو أن يعيد الكرة من جديد، وأن يعود إلى اعتداءاته وخروقاته بعد أشهر، أو كلما أتيحت له الفرصة، تأديباً أو بمناسبة الانتخابات، أو إرضاءً لمتطرف أو مسايرةً لمتشدد، بل تريد اتفاقاً يلزمه، وتعهداً يضمنه، ورادعاً يمنعه، ودولاً تكفله وترعاه.
كما لن يقبل بنزع سلاحه، وتفكيك قواته، والتعهد بعدم بناء قدراته الذاتية، أو التوقف عن أعمال التجهيز والإعداد والاستعداد، إذ السلاح عندهم عنوان الشرف، وسبيل النصر، والوسيلة الأقدر والأفضل لكبح جماح العدو، ومنعه من الإفساد والعربدة والتخريب.
وهو يريد أن يرفع الحصار كلياً عن قطاع غزة، وأن تُفتح كلياً ودائماً كل البوابات والمعابر، ليتمكن الأفراد المسافرون، والبضائع التجارية من المرور بسهولةٍ ويسر، وأمانٍ واطمئنان، ويريد ألا يكون للاحتلال وجودٌ أو سلطة على معابره، لئلا يتحكم في المغادرين والعائدين، ولئلا يتسلط على الفلسطينيين في دوائهم وغذائهم، ولئلا يستغل حاجتهم وضعفهم، لمآربه الدنيئة، وأهدافه الوضيعة.
ويتطلع الشعب الفلسطيني لأن يكون له مطاره الوطني، وفق المعايير الدولية، وبموجب الضوابط الأمنية المتفق عليها، ليتخلص من الانتظار والمعاناة، وينتهي من طوابير الذل والإهانة، وأقبية الحجز وصالات الحظر، وقوائم الترقب، وأذونات الموافقة، والقوائم السوداء الممنوعة من الدخول.
ويمتد طموح الشعب الفلسطيني لأن يكون له ميناؤه البحري في غزة، الذي يربطه مع العالم، ويمكنه من الحصول على احتياجاته وما يلزمه، خاصةً ما يتعلق منها بالبناء، كالاسمنت والحديد وغيره، للمباشرة في أعمال إعادة الإعمار، وتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني المتوقفة.
كما يريد الشعب الفلسطيني سيادةً كاملة في قراراته وعلى أرضه، وسلطةً ذاتية على مصالحه ومصائره، فلا يتدخل العدو فيها، ولا يفرض شروطه عليهم، وألا يؤثر على المصالحة والوحدة، وألا يتدخل في الشؤون الداخلية، ولا يمارس ضغوطاً على أي طرف، ليفشل المصالحة، ويسقط حكومة الوحدة الوطنية.
لن يقبل الفلسطينيون بأي هدنةٍ أو وقفٍ لإطلاق النار، لا يحقق حريةً للأسرى والمعتقلين، ولا يفرج عنهم من سجونهم، أو يخفف من معاناتهم ويحسن ظروفهم فيها، وهو يصر على حرمة اعتقال المحررين منهم، ووجوب إطلاق سراحهم، وضمان عدم اعتقالهم مرةً اخرى، فضلاً عن إطلاق سراح كل من أعتقل ضمن الحملة الأمنية القمعية التي نفذتها سلطات الاحتلال في مدن الضفة الغربية.
الأربعاء 17:25 الموافق 16/7/ 2014 (اليوم العاشر للعدوان)
مرحى بالمقاومين وسحقاً للمتخاذلين
المقاومة اليوم هي الشرف والكرامة، وهي الحامي والواقي، وهي القلعة والحصن، والسور والجدار، وهي التي تقاتل وتدافع، وهي التي تصد وترد، وهي التي تصنع الهيبة، وتحافظ على الهوية، وهي التي ترفع الذكر، وتبقي على الوجود، وتصون البلاد وتحفظ الحدود، وهي التي تضع حداً للعدو، وتحول دون اعتداءاته، وتمنعه عن مغامراته، وتجبره على التردد والإصغاء، والتفكير والحساب، وبدونها ذلٌ وصغارٌ، ومهانةٌ واحتقار، وتفريطٌ وضياع، وتخلي وتولي، وضعفٌ وخور، وخضوعٌ وخنوعٌ واستكانة.
المقاومة ليست ضعيفة، وقد أثبتت أنها قوية، وأن تؤذي وتضر، وتجرح وتقتل، وتخيف وترعب، وتهدد وتتوعد، وتعد وتفي، وتصل وتطول، ولا يفلت من يدها أحد، لطول باعها، وقوة ساعدها، ومتانة صفها، وبراعة رجالها، ومضاء سلاحها، وعزم أهلها، وإرادة أبنائها والمنتسبين إليها.
الخميس 03:00 الموافق 17/7/2014 (اليوم الحادي عشر للعدوان)
إسرائيل والهدنة الإنسانية
الإسرائيليون لا يقبلون بالهدنة الإنسانية، أو بوقف إطلاق النار المؤقت إلا لأحد سببين، ليس منها أبداً أنه إنساني، ويحترم القوانين والأعراف، وأنه يستجيب للمبادرات الدولية، وجهود الوساطة الإقليمية، وأنه يقدر حاجات المواطنين والسكان.
إنهم لا يقبلون بالهدنة أو بالتهدئة إلا إذا شعروا أنهم بحاجةٍ لها، وأن مصالحهم قد تضررت، وأن سمعتهم قد ساءت، وأن حياة مواطنيهم أصبحت في خطر، وأن الأمر بات يتطلب وقفاً لإطلاق النار لوقف الخسائر، وتجنب المزالق، وترميم الأضرار، ورتق الخرق إن اتسع عليهم، ولم يعد عندهم قدرة على تحمله، خاصة إذا تعذر عليهم هزيمة الخصم، وكسر إرادته، وإملاء شروطهم عليه، وإكراهه على القبول بها، والنزول عندها، تحقيقاً للنصر الذي يدعيه، أو خوفاً من أن تنقلب الأمور عليه، فيحقق الخصم عليه نصراً، ويوقع به هزيمة، ويجبره على التراجع عن شروطه، والتنازل عن أهدافه التي وضعها لعدوانه.
في هذه الحالة يلجأ العدو إلى الوسطاء، ويحرك الحلفاء، ويطلب منهم العمل على فرض هدنة، أو طرح مبادرة، لإنقاذه من الخطر، وإخراجه من أزمته، ووضعِ حدٍ للخسارة التي مني بها، وهو يقبل بها وإن بدا أمام الخصم والآخرين أنه رافضٌ لها، وغير راضٍ عنها، إلا أنه في النهاية يوافق عليها، ويلتزم بها، خاصةً أنه غالباً الذي يضع شروطها، ويحدد بنودها، أو يكون شريكاً في صياغتها، وحاضراً عن اقتراحها.
أما السبب الثاني الذي يدفع بالعدو للقبول بالتهدئة، والموافقة على الهدنة الإنسانية المؤقتة، فهو حاجته إلى أهدافٍ جديدة، فنجده يلجأ إليها عندما ينضب بنك الأهداف عنده، ويعجز عن الوصول إلى أهدافٍ حقيقية موجعة في صفوف الخصم، في ظل حالة الحذر الشديدة والحيطة العالية التي يلتزم بها المقاومون، إذ يغيب المطلوبون والنشطاء عن الأنظار، ويمتنعون عن استخدام الهواتف ووسائل الاتصال، في الوقت الذي يحسنون فيه إخفاء وتمويه مقراتهم ومستودعات السلاح، ومخازن الصواريخ، وغير ذلك من الأهداف الحقيقية التي يعمى العدو عن الوصول إليها في ظل استمرار المعارك.
ينبغي على المقاومة أن تأخذ حذرها، وأن تنتبه إلى عدوها، وألا تنساق وراءه، وألا تستجيب إلى شروطه أو رغباته، وألا تنطلي عليها خدعه ومكره، إذ لا أمان له، ولا صدق عنده، وهو لا يرقب فينا إلاً ولا ذمة، ولا يحفظ لنا عهداً ولا وداً.
الجمعة 03:30 الموافق 18/7/2014 (اليوم الثاني عشر للعدوان)
براءة أطفال فلسطين لا تشفع
كأن بين الإسرائيليين وأطفال فلسطين ثأرٌ قديم، وحسابٌ متراكمٌ عبر السنين، يصرون على تصفيته بكلِ دمويةٍ وهمجية، ودون رحمةٍ ولا رأفة، وقد منح قانونهم الجائر، حق الثأر والانتقام، وتحصيل الحق المدعى، ورد العدوان المفترى، وصد الخطر المتوقع، للجنود والمستوطنين وعامة المواطنين على السواء، فهو حقٌ يكفله القانون لهم، وتحميهم التشريعات من نتائجه.
القانون الإسرائيلي أعطى الحق للمستوطنين الإسرائيليين أن يرضخوا رؤوس الأطفال الفلسطينيين بالحجارة، وأن يطلقوا النار عليهم من سياراتهم المارة، وأن يدوسوهم بعجلات سياراتهم المسرعة، وأن يعيدوا الكرة عليهم دهساً من جديدٍ مراتٍ عدة، لضمان قتلهم، والتأكد من موتهم، ولو كان ذلك بتسجيل وتوثيق الإعلاميين، وفي حضرة كاميرات الصحافيين.
إنه القانون الذي سمح للمستوطنين بخطف الأطفال الفلسطينيين من أمام منازلهم، أو أثناء العودة من مدارسهم، وغض الطرف عن إيذائهم وتكسير أطرافهم، وتهشيم عظامهم، قبل أن يأذن لآخرين بأن يسكبوا البنزين في جوف فتىً ويشعلون به النار حياً، وينطلق غيرهم نحو طفلٍ آخر ليعيدوا التجربة، ويكرروا الجريمة، لأنهم يعلمون يقيناً أن القانون لن يجرمهم، والمحاكم لن تدينهم، ولن تحكم عليهم، وإن أدانتهم وقضت بحبسهم، فإن قوانين الرحمة، ومحاولات الاستعطاف والتوسل، ومشاريع العفو والإفراج المبكر، كفيلة بإطلاق سراحهم، أو تخفيف أحكامهم، أو تمكينهم من الاستفادة والاستمتاع من قوانين السجون المدنية.
إنه العدو الصهيوني البغيض، تاريخه القبيح مع شعبنا يشهد على الكثير من الصفحات السوداء، والجرائم المريرة التي ارتكبها بحق أطفال فلسطين وصغارها، واليوم تشير الاحصائيات الأخيرة، أنه قتل في عدوانه الأخير على قطاع غزة، خلال عشرة أيام أكثر من ستين طفلاً، وجرح وأصاب بجراحٍ مختلفة ما يزيد عن ستمائة طفلٍ وطفلة، وما زالت آلته الحربية تقتل وتدمر.
الجمعة 14:30 الموافق 18/7/2014 (اليوم الثاني عشر للعدوان)
أسرٌ منكوبةٌ وعائلاتٌ شهيدةٌ
لا ننسى في هذا العدوان الغاشم الكثير من العائلات الغزاوية، التي تعرضت بيوتها للقصف، وطال مساكنها الدمار والخراب، فقتل خلالها العديد من أبنائها وأفراد أسرها، وقد تعمد العدو قتلهم انتقاماً وتشفياً، وحقداً وغيلة، دونما تحذيرٍ أو تنبيه، بل إنه قصفها وهو يعلم أنها مأهولة، وأن سكانها نيامٌ أو على موائد الطعام، أو أن أطفالهم في بهو البيت أو أمام المنزل، يلعبون ويلهون ويجرون ويركضون، وأن أحداً من المطلوبين أو الذين يستهدفهم غير موجود، وأن من فيها إنما هم من النساء والأطفال، والشيوخ والعجزة، ولكنه لا يتردد ولا يتراجع، بل يقدم على القصف، ويواصل الاستهداف.
العدو الصهيوني يتعمد قتل العائلات، واستباحة دماء الأسر، وهو يعلم تماماً سكان البيوت، والأهداف التي تقع تحت مرمى نيرانهم، حيث أن أسلحتهم ذكية ومتطورة، وقدرتهم على التحكم في متابعة الأهداف وقصفها عالية جداً، وفي هذا تأكيدٌ على أن أوامر القتل مقصودة، وسياسات التصفية والإبادة متعمدة.
السلامةُ صمودٌ أم استسلامٌ
تتعالى بعض الأصوات التي تطالب المقاومة الفلسطينية بالموافقة على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، قبل المباشرة في مفاوضاتٍ تحدد طبيعة الهدنة، وتبين شروطها وضوابطها، وما إذا كانت ستكون مطابقة لاتفاقية العام 2012، أو امتداداً لها، أو أنها ستكون اتفاقية جديدة، ببنودٍ وشروطٍ وضماناتٍ والتزاماتٍ أخرى.
المشكلة أن هذا الفريق يفرط كثيراً في الثقة في العدو الإسرائيلي، ويرى أنه جادٌ في اتفاقياته، وصادقٌ في وعوده، وأنه سيلتزم الهدوء، وسيكف عن الحرب والعدوان، وأنه سيعود بعد حربه هذه إلى شروط وبنود اتفاقية العام 2012، وإلى ما سيجد عليها، والتي كان منها الهدوء مقابل الهدوء، والكف عن القيام بأي أعمالٍ عدوانية ضد الأهداف الفلسطينية، سواء كانت أشخاصاً أو منشئاتٍ أو آليات.
ربما قراءة سريعة لاتفاقية خروج القوات الفلسطينية من لبنان في العام 1982، إثر العدوان الإسرائيلي على بيروت، تشير إلى تشابه الظروف، وتطابق الأهداف التي وضعت لخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، قصفٌ وحصار وتهديدٌ متزايدٌ للمدنيين، ودعواتٌ للخروج كانت نتيجتها بعثرة المقاومة الفلسطينية، وتشتيت قواتها، وإبعادهم عن ساحات الصراع وميادين القتال، ثم إشغالهم بكل شئٍ عدا الوطن والمقاومة.
يخطئ من يظن أن نجاة الفلسطينيين وسلامتهم تتحقق في القبول بالمبادرة المصرية، والتسليم للعدو بما حقق وأنجز، دون أن يكون منه التزامٌ واضح وصريح، بضمانة مصر والمجتمع الدولي، بالاستجابة إلى شروط المقاومة، التي هي شروط ومطالب الفلسطينيين عموماً، وأساسها الأول رفع الحصار المفروض على القطاع، وفتح كافة المعابر المغلقة، والتسليم بزيادة مسافة الصيد البحري لتصبع 12 ميلاً بحرياً، بالإضافة إلى الإفراج عن كافة الذين اعتقلهم خلال حملته الأخيرة، والتوقف التام عن أي أعمال عسكرية عدوانية ضد الفلسطينيين، فهذه شروط محقة، ومطالب عادلة، لا نرى أن المقاومة تستطيع التخلي عنها، كما أن الشعب لا يقبل من المقاومة أن تتنازل عنها، ويصر عليها أن تتمسك بها، وتصر عليها، وفيها وفي الصمود تكون السلامة، وبغيرها يسكن الخطر، وتكمن المغامرة والمخاطرة.
السبت 17:25 الموافق 19/7/2014 (اليوم الثالث عشر)
انتصار العين على المخرز
إن فلسطين واحدةٌ من الدول، وشعبها كغيره من الشعوب، أصيلٌ وعريق، ومجاهدٌ ومقاتل، وصابرٌ وجسور، وسينتصر على جلاده، وسيهزم محتله، وسيقتل من قتل أبناءه، وسيتفوق على الاحتلال أياً كانت قوته، ومهما بلغ بغيه وعدوانه، ولن تضعفه قوة العدو ولا آلة بطشه البشعة، ولن تعمي عيونه دخان دباباته ولا غازات قنابله وقذائفه، وستكون عيونه أقوى من مخارزهم، وأصلب منها في المواجهة والثبات.
العدو الإسرائيلي بات يدرك أن قوته العسكرية لن تستطيع أن ترغم هذا الشعب، ولن تكسر فيه روح الإرادة، ولن تهزمه ولن تركعه، ولن تقتل فيه روح التحدي ولا جبروت التصدي، وإن الفلسطينيين باتت لديهم قوة قادرة على المبادأة والمهاجمة، والقتال الموجع، والمباغتة الصادمة، وها هو يفاجئ العدو خلف خطوط النار، ويخرج إليه من جوف الأرض، عملاقاً لا يخاف، شبحاً لا يرى، ومارداً لا يهزم، يهاجم ويطلق النار، ويفجر ويقتل، ويعود أدراجه سليماً معافى، ومن بقي منهم في أرض الميدان فهو شهيدٌ سقط في قمة المواجهة، على أرضه المحتلة، وفي مقاومة الغاصبين المحتلين.
حي الشجاعية اسمٌ باقي وسيبقى
حي الشجاعية الرابض كأسدٍ مقدامٍ على حدود قطاع غزة الشرقية، له في كل حربٍ مع العدو الصهيوني قصة وحكاية، ينسج خيوطها بالأرواح والدماء، ويرسم ملامحها تحت القصف وخلال الدمار، ويحسن روايتها بقصص البطولة والانتصار، حيٌ لا يعميه الغبار، ولا يصدمه الركام، ولا تصم آذانه أصوات القذائف وأزيز الرصاص، يهابه العدو دوماً، ويخاف من التوغل فيه، ويتردد في الدخول إليه، ويحسب ألف حسابٍ لخطة الانسحاب وطريق العودة.
إنه قدر الشجاعية أن تكون على ثغرٍ من ثغور قطاع غزة، وأن تكون حارسةً لبواباته الشرقية، وأن يكون رباطها في الصفوف الأولى والجبهات المتقدمة، وهي التي تعلم عظم الدور المنوط بها، وخطورة المهمة التي تقوم بها، ولكنها تريد أن تكون أمينةً على هذه الثغور، فلا يتسلل العدو من خلالها، ولا يدخل إلى غزة منها، مهما بلغت قوته، وأياً كانت استعداداتها لملاقاته.
في الليلة الرابعة عشر للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان حي الشجاعية على موعدٍ مع مجزرةٍ جديدة، ومذبحةٍ أخرى، قتل فيها بقذائف الدبابات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين، بعد أن قامت قوات العدو بدك بيوتهم بقذائف المدفعية وسلاح الميدان، ما أدى إلى تدمير العشرات منها، ومقتل سكانها نتيجة القصف أو تحت الردم والركام، بينما يصمت العالم كله على فعال الجيش الصهيوني "الأكثر أخلاقيةً في العالم"، ولا يحرك ساكناً لمنعه أو كبحه، كما لا يقوى على سؤاله أو محاسبته.
لك الله يا حي الشجاعية، لكم الله أيها الشجاعيون والغزيون، أيها الرجال الأماجد، والأهل الكرام، والشعب الحر الأبي العظيم، فما أصابكم الليلة فعلٌ صهيوني بغيض قد اعتدنا عليه، ولكنه جرمٌ بمباركةٍ وبتآمرٍ معلن، ونيةٍ مريضةٍ خبيثةٍ مكشوفة، نسأل الله العلي العظيم ردها على أهلها والعدو، وصدها عن الوطن الحبيب والشعب العزيز، اللهم ليس لنا إلا أنت فكن معنا.
الأحد 12:30 الموافق 20/7/2014 (اليوم الرابع عشر على العدوان)
ضحايا الإسعاف والدفاع المدني
لم تسلم سياراتُ الإسعاف والدفاع المدني من القصف الصهيوني المتعمد، فقد عمد جيش العدو في هذه الحرب العدوانية وما سبقها، إلى قصف العاملين في مجال الإسعاف من الأطباء والممرضين ومساعديهم، وكافة الطواقم العاملة فيها، وكذلك استهدف رجال الدفاع المدني فقتل بعضهم، ودمر سياراتهم ومعداتهم، ومنعهم من أداء واجبهم، وإتمام المهمات التي انطلقوا من أجلها.
رغم أن الأطباء والممرضين والمسعفين، ورجال الدفاع المدني، يعرفون أن عملهم خطرٌ، وأن المهمة الملقاة على عاتقهم قد تودي بحياتهم، وقد تصيبهم بنفس الداء الذي جاؤوا من أجله، فهم أثناء قيامهم بواجبهم يعرضون حياتهم للخطر، ويدخلون إلى مناطق الاشتباك، وميادين القتال، وينزلون إلى الأقبية المحترقة، والبيوت الملتهبة، ويتوقعون في كل لحظةٍ غارةً صهيونية تستهدفهم، أو قذيفةً تصيبهم، تقتلهم ومن معهم، إلا أنهم لا يتأخرون عن الواجب، ولا يجبنون عن تلبية النداء، ولا يقصرون في مساعدة ونصرة كل ملهوفٍ ومحتاج.
يتعرضون للقصف الإسرائيلي، ويعرضون حياتهم للخطر، ولكنهم يلبون النداء، رغم أن إمكانياتهم بسيطة، وتجهيزاتهم محدودة، وسياراتهم معدودة، ولا يوجد عندهم ما يكفي سكان قطاع غزة، الذين يتعرضون للنار جميعاً، ويستهدفهم القصف في كل مكان، ما يعني أن جهوزيتهم يجب أن تكون حاضرة لتغطية أي منطقة في قطاع غزة، إلا أن واقع حالهم البئيس، وقدراتهم المتواضعة، والتسهيلات القليلة، والحرية المقيدة، والقصف المتعمد، وإطلاق النار العشوائي عليهم، وحجز سياراتهم على الحواجز، وتأخيرها أو منعها، يحول دون قيامهم بالواجب المطلوب منهم على الوجه الأكمل والأفضل.
إنه العدو الصهيوني الذي يستهدف كل فلسطيني، ويعادي كل عربي، ويرى الخطر كامناً في كل الفلسطينيين، أياً كانت انتماءاتهم أو وظائفهم ومهامهم، فلا نستغرب أفعالهم، ولا نتعجب من تصرفاتهم، إن عدوٌ غادرٌ فاجرٌ، خبيثٌ ماكرٌ مخادع، لا يحترم قانوناً، ولا يعترف باتفاق، ولا يراعي هدنة، ولا يلتزم بشارةٍ أو علامة.
الأحد 15:25 الموافق 20/7/2014 (اليوم الرابع عشر على العدوان)
شاؤول آرون بلسم الجراح
يكاد يكون الخبر الذي أعلنه أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، بأن المقاومة الفلسطينية استطاعت أسر جندي إسرائيلي من أرض المعركة، معلناً اسمه ورقمه العسكري، المفاجأة الأكبر طوال أيام العدوان الأربعة عشر، رغم أن مفاجئاتٍ أخرى كبرى قد سبقته، حملت معها أنباء مقتل ثلاثة عشر ضابطاً وجندياً إسرائيلياً، بالإضافة إلى آخرين في أكثر من مكانٍ.
اليوم ليس كالأمس، وغداً لن يشابه اليوم في شئ، وسيعلم العدو والذين ظلموا، أن المقاومة أصبحت ذات شوكة، وأن شوكتها صلبة، وأن وخزها قاسٍ ومؤلم، وأنها باتت تفي بوعودها، وتنفذ تهديداتها، وأنها تفعل ما تريد، وتصدق فيما تعد، وهي لن تكتفي بصيدها وإن كان ثميناً، بل ستجد في البحث عن المزيد، وستجتهد في صيد الجديد والكثير، وقد بات العدو يعلم أن المقاومة جادة في وعيدها، وصادقة في سعيها، وحازمة في أمرها، وهي تريد هذه المرة أن تكون هذه الحرب هي آخر المعارك، ليكون بعدها حرية كاملة، وانعتاق كلي، فلا حصار ولا تدخل، ولا تضييق ولا اعتداء، ولا قتل ولا أسر، ولا حرمان ولا عقاب.
الإثنين 02:00 الموافق 21/7/2014 (اليوم الخامس عشر للعدوان)
وهم القضاء على المقاومة
منذ خمسين سنة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تشن مئات الحملات الأمنية والعسكرية الشرسة على الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان، تحت شعار القضاء على المقاومة، وسحب سلاحها وتفكيك خلاياها العسكرية، وإضعاف بُناها التنظيمية، وتجفيف منابعها المالية، ومهاجمة المقاومين في أوكارهم، والقضاء عليهم قبل تعاظم قوتهم، وزيادة أخطارهم، وإجهاض عملياتهم قبل تنفيذها، وإرباكهم وتعطيل برامجهم من خلال الضربات الأمنية المتلاحقة والمفاجئة، وذلك للتقليل من أخطارهم، ومنعهم من تشكيل خطرٍ على أمن وسلامة دولة الكيان ومواطنيه، فيما يسمى بالعمليات الاستباقية، والإجراءات الوقائية.
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حملاتها العديدة بقتل المئات من الفلسطينيين واللبنانيين، ودمرت آلاف البيوت والمنازل، وشقت مكانها مئات الشوارع، وخربت المؤسسات والمصانع والمعامل، وخلعت الزروع والأشجار، وأحرقت المزارع والحقول، وحاربت البساتين والأحراش، وزجت في سجونها ومعتقلاتها بمئات الآلاف من الفلسطينيين، وأبعدت وطردت المئات، وضيقت على المواطنين استدعاءً ومراقبة، وتفتيشاً ومداهمة، ومنعاً ومحاكمة، وحرماناً وعقاباً.
لكن المقاومة لم تنتهِ، ومعينها لم ينضب، ورجالها لم يندثروا، وجمرتها لم تخمد، وعملياتها لم تتوقف، ومنابعها لم تجف، وسلاحها لم يشح، وعملياتها لم تتراجع، وقوتها لم تضعف، وألمها لم يخف، ومؤيدوها لم يخافوا، وعنها لم ينفضوا، وبات جمهورها في ازدياد، والمنتمون إليها في تعاظمٍ وتنافسٍ، وباءت إجراءات العدو بالفشل ولم تنجح، ولم تأت بالنتائج المرجوة، والآمال المتوقعة، ويأس قادته، وتعب ضباطه، وحارت أجهزته، وأعيا كيانهم مواجهةُ قدرات المقاومة، ومحاربةُ رجالها، والتأثيرُ على عملياتها، والتقليل من أخطارها.
باتت المقاومة اليوم تملك قدراتٍ تقنية عالية، تخترق المنظومات الأمنية، وتدخل على المجاميع الإليكترونية، وتربك البث الفضائي، وتدخل على محطات التلفزة والإذاعة، وتبث من خلال برامجها بياناتها، وترسل عبرها تهديداتها، وتخاطب قادة الكيان ومواطنيه، وتفضحهم وتكشف زيف حقيقتهم.
المقاومة اليوم في فلسطين إرادةٌ وقوةٌ، وعزمٌ ومضاء، ويقينٌ وإيمان، ورؤيةٌ وبصيرة، وقيادةٌ رشيدة عليمة، آمرةٌ حكيمة، مخلصةٌ لا ترائي، وعاملةٌ لا تتظاهر، تقاتل بصدق، وتقاوم بحق، ورجالٌ شمٌ كالرواس، يقاتلون بقوةٍ وشراسة، ويخيفون العدو بمظاهرهم، ويؤلمونه بعملياتهم، ويوجعونه بمفاجئآتهم، ومن ورائهم شعبٌ صابرٌ، وجمهورٌ صادقٌ، وأمةٌ مؤمنةٌ بالنصر، وموقنةٌ بالتحرير، تمد المقاومين بالأمل، وتشحذ عزائمهم، وتقوي إرادتهم، وتمضي معهم وقبلهم نحو أهداف الأمة، وأماني الأجيال.
الاثنين 12:25 الموافق 21/7/2014 (اليوم الخامس عشر على العدوان)
إسرائيل تصنع الحقد وتعمق الكراهية
هل يظن العدو الصهيوني أنه يستطيع بما يقوم به اليوم من اعتداءٍ غاشم على قطاع غزة، يقتل خلاله المواطنين، ويدمر بيوتهم، ويفسد حياتهم، ويمزق شملهم، ويشتت أهلهم، أنه سيكون قادراً على جلب السلام لكيانه، وتحقيق الأمن لمواطنيه، والاستقرار طويلاً هادئاً مستقراً فوق الأرض الفلسطينية، محتلاً لها، وغاصباً لحقوق أهلها، ومحاصراً لهم، ومضيقاً عليهم.
هل يظن العدو أن هذه الحرب ستكون الأخيرة، وأن هذه المعركة ستكون الخاتم، وأنه لن يكون مضطراً بعدها لتجريد حملاتٍ عسكرية جديدة ضد قطاع غزة، لتأديب أهلها، ونزع سلاح مقاومتها، وضرب مستودعاتها ومخازنها، وإجهاض مخططاتها، وتخريب مؤسساتها، وأنه بعدها سيهنأ عيشه، وسيطيب مقامه، وستستقر أوضاعه، وسيحيا مواطنوه بأمنٍ وسلامٍ، فلا يوجد من يهدد حياتهم، أو يقلقهم في منامهم، أو يباغتهم كوابيس في أحلامهم، ولا يوجد من يقوى على مطالبتهم باستعادة حقوقهم في أرضهم ووطنهم.
هل يظن العدو أن الفلسطينيين يخافونه، وأنهم يحسبون حساباً لحروبه، وأنهم يخشون غضبته، ويحاولون تجنب سطوته، وأنهم مرعوبون من جيشه، وخائفون من قوته، وأنهم يخشون على أنفسهم الموت والهلاك إن هم اعترضوا على سياسته، أو خالفوا إرادته، أو امتنعوا عن تنفيذ تعاليمه وأوامره.
لكن العدو نسي غافلاً، أو أن الله قد طمس على قلبه، وأعمى عيونه، وقفل على عقله، أن هذا الشعب الذي انطلقت منه مقاومة عملاقة، قوية جبارة، تقتل وتأسر، وتقصف وتضرب، وتهاجم وتتسلل، لن ينسى أبداً حقه، ولن يتخلى عن أرضه، ولن يغفر لعدوه ومن حالفه، وأن ما ارتكبه العدو في حقه من مجازر وجرائم، لن تزيد الفلسطينيين إلا صدقاً وإصراراً، وعزماً ومضاءً، فجرائم العدو في أرضنا وقودٌ للحقد، وحطبٌ لنارٍ تضطرم، وسكينٌ لجرحٍ ينعب، تعمقه وتجرحه من جديد، فلا الجرح يبرأ، ولا الفلسطيني ينسى ويخضع، ولا الحلم يتبدد، ولا الأمل يزول، وستبين الأيام للعدو أنه أخطأ وأجرم، وأنه قد دخل برجيله أرضاً سبخة، ورمالاً رخوة، وطيناً وحلة، لا خروج منها إلا في توابيت، أو استسلاماً لأصحاب الحق وتسليماً لهم.
الثلاثاء 14:20 الموافق 22/7/2014 (اليوم السادس عشر للعدوان)
الورقة المصرية استنساخ لاتفاق الهدنة
في العام 1948، وبعد أن احتلت العصابات الصهيونية مساحاتٍ كبيرة من أرض فلسطين التاريخية، وسيطرت عليها بقوة السلاح، وطردت مئات آلاف الفلسطينيين من أرضهم وبلداتهم، واستولت على مساكنهم وبيوتهم، وحلت فيها مكانهم، كانت الجهود الدولية كلها منصبة باتجاه وقف إطلاق النار فقط، وتأمين القوات العسكرية الصهيونية، التي كانت تحتاج إلى الهدنة لتثبيت نفسها، دون المطالبة بخروجها من البلدات التي احتلتها، وتخليها عما استولت عليه من أراضٍ بقوة السلاح.
كانت المفاوضات تجري بين العصابات الصهيونية والدول العربية بواسطة الأمم المتحدة، لكنها كانت برغبةٍ إسرائيلية، لحاجتها إلى التهدئة، وأهميتها بالنسبة لها في ذلك الوقت، لتثبيت وقفٍ فوري لإطلاق النار، على أن يتبعه مفاوضات مفتوحة بين الطرفين، للتفاهم على الأوضاع المستجدة، والتوصل إلى حلولٍ مشتركة.
لم تكن هناك نقاط متفق عليها للحوار، ولم تفرض شروط مسبقة كعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل مايو/آيار من العام 1948، ولم تكن هناك آلية لعودة مئات آلاف اللاجئين إلى بيوتهم وقراهم، بل ركزت المفاوضات على الحفاظ على الأوضاع الراهنة المستجدة، والتي تعني اقتطاع 70% من أرض فلسطين التاريخية، وبقاءها تحت السيادة الإسرائيلية، إلى حين إجراء مفاوضات بين الفرقاء لتحديد الصورة المستقبلية والدائمة للأرض والسكان، وتركت هذه القضايا الأساسية للضمير الدولي والنوايا الإسرائيلية، التي كانت مبيتةً ومحسومةً لدى الطرفين معاً، بأنه لا عودة إلى الوراء، ولا تراجع عن المكتسبات.
وهكذا كانت الهدنة الأممية الأولى التي أنهت الحرب، وأوقفت إطلاق النار، وفرقت العرب إلى اتفاقياتٍ مستقلة، في رودس ورأس الناقورة، الخطوة الأولى نحو تأسيس الكيان الصهيوني، وتكريس واقع الاغتصاب، إذ أصبحت الهدنة الطويلة الأمد هي الأساس، واعتبرت أي محاولة لاستعادة الحقوق، والعودة إلى الأرض، وإعادة السكان، بمثابة خرق لاتفاق إطلاق النار، وتهديد للهدنة القائمة بين الفريقين، وبدلاً من أن تقوم الأمم المتحدة بضمان استعادة العرب لحقوقهم، قامت برعاية اتفاقيات ضمان منع الاعتداء العربي على دولة الكيان الصهيوني الجديدة، وما زال العرب إلى الآن يحتكمون إلى اتفاقيات الهدنة، التي أصبحت القاعدة القانونية والمرجعية الدولية لأي خلافٍ أو نزاعٍ بين الطرفين.
إنه الحال نفسه يتكرر، فالعدو الصهيوني يريد وقفاً لإطلاق النار، وإنهاءً لحالة الحرب القائمة، وفق هدنةٍ طويلة، ترعاها الأمم المتحدة، على أساس نزع سلاح المقاومة، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، ليأمن العدو الصهيوني هذه الجبهة، ويتفرغ للعمل الاستيطاني في القدس والضفة الغربية، ويبدو أن الأنظمة العربية التي وافقت على الهدنة القديمة، وفرضتها على جيوشها بالقوة، هي نفسها اليوم التي تريد أن تفرض الهدنة الجديدة، بالشروط الإسرائيلية، والضمانات والكفالات الدولية التي كانت، والتي أشرفت على رعاية تأسيس الكيان وضمان استمراره آمناً مطمئناً.
فعلى الأنظمة العربية أن تعي ماضيها، وأن تتعلم من تاريخها، وأن تكون نصيرةً لأهلها، وعوناً لأمتها، لا أن تكون بيد العدو سيفاً يقتل، وسكيناً تقطع، وخنجراً يطعن.
الأربعاء 14:20 الموافق 23/7/2014 (اليوم السابع عشر للعدوان)
غزة ستنتصر
غزة ستنتصر بإذن الله، وستهزم العدو وسترد كيده إلى نحره، وستطوي خططه، وستبطل سعيه، وستوقف بغيه، وستفشل هدفه، وستصد اعتداءه، وستواجه جيشه، وستتحدى جنوده، وستنهي خدمة ضباطه، وستعرض قادته للمساءلة والمحاكمة، وستنهي مستقبلهم السياسي والعسكري، إذ سيعاقبون وسيحرمون، وسيقصون وسيستقيلون.
وستثبت الأيام القليلة القادمة أن غزة ستنتصر، وأنها لم تعد ضعيفة، مكسورة الجناح، خائبة الرجاء، فقد أثبتت على الأرض قوةً وبسالة، وجرأةً وشجاعة، وقدرةً وإرادة، وتصميماً وعزماً، شهد بها العدو واكتوى، وشكا منها واستوى، وأن الجرح الفلسطيني سيكون أقوى من السكين، وأن الدم المهراق سينتفض، وسيكون ثورةً لا تنطفئ، ولهباً دوماً يتقد، وأن الإرادة الفلسطينية ستتفوق، وستبقى قوية صلبة، وأن الكرامة الفلسطينية ستتحقق، والعزة ستكون، والوحدة ستتجلى، والتوافق سيصمد، والاتفاق سيمضي بقوة، وسيتحدى بإرادة، وسيثبت بصدق.
هذه المقاومة ستنتصر في هذه المعركة، والعدو يعلم أنها ستنتصر عليه، وإن كان يعلم أنه أقوى منها عدداً وسلاحاً، وعدةً وقدرة، وأنها لن تستطيع هزيمته عسكرياً، وتفكيك كيانه مادياً، وشطب وجوده نهائياً، ولكنها ستجبره على الخضوع لها والقبول بشروطها، والإصغاء لها والاستماع إليها، والموافقة على مطالبها، وهي مطالب محقة، ومسائل إنسانية، لن تقوَ ومن معها من الحلفاء، العرب والغرب، على الوقوف ضدها، والتصدي لها، والامتناع طويلاً عن تنفيذها.
سيُرفع الحصار عن قطاع غزة، وسيجبر الكيان والمحاصرون الآخرون على فتح المعابر، وستدخل البضائع والمؤن والمساعدات، وسيتدفق النفط والوقود والحديد والاسمنت، وسيعاد إعمار قطاع غزة، وستبنى بيوتها من جديد، وستتعمر مؤسساتها ومنشآتها، وستعبد طرقها وشوارعها، وسيسوى ركامها، وسيزول ردمها.
ولكن هذه الخواتيم السعيدة لا تكون بغير الصمود والثبات، والتضحية والعطاء، وقد أعطى شعبنا الكثير وضحى، وما يواجهه اليوم من عنفٍ مفرطٍ، ومذابح دمويةٍ بشعة على أيدي الاحتلال في كل أرجاء قطاع غزة، ليس إلا إيذاناً بالرحيل، ودليلاً على قرب الزوال، فما ساعات الظلمة الحالكة إلا تباشير فجرٍ أبلج، وصبحنا بات قريباً، وغدنا بات وشيكاً، وإن كان الجرح غائراً، والألم شديداً، والمعاناة كبيرة، والفقد عظيماً، والخسارة كثيرة، إلا أن الخاتمة ستكون بإذن الله سعيدة، ترضي الشعب، وتنسيه همومه، وتعوضه عما فقده، وتعيد إليه الأمل من الجديد.
الخميس 13:30 الموافق 25/7/2014 (اليوم الثامن عشر للعدوان)
الشيخ أحمد ياسين يحدد نهاية إسرائيل؟!!
الوطن القطرية: 22-7-2014 - أحمد منصور
في شهر إبريل من عام 1998 التقيت مع مؤسس وزعيم حركة حماس الشهيد الشيخ أحمد ياسين، بعدما أفرج عنه في صفقة بين الأردن وإسرائيل بعد عملية الاغتيال الفاشلة التي قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن خالد مشعل.
ومن بين ما قاله الشيخ أحمد ياسين في شهادته حول رؤيته لمستقبل إسرائيل بعد خمسين عاما من قيامها "إن إسرائيل قامت على الظلم والاغتصاب وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار".
فقلت له: "حتى لو كان يملك القوة التي تؤهله للبقاء؟".
فقال: "إن القوة في العالم كله لا تدوم لأحد الإنسان يولد طفلا ثم مراهقا ثم شبابا ثم كهلا ثم شيخا وهكذا الدول تولد وتكبر ثم تتوجه للاندثار".
فقلت له وفق هذا المعيار إسرائيل في أي مرحلة الآن؟
فقال "إن إسرائيل ستزول إن شاء الله في الربع الأول من القرن القادم وتحديدا في عام 2027 ستكون إسرائيل قد بادت وانتهت"
فقلت له لماذا هذا التاريخ؟
فقال: "لأننا نؤمن بالقرآن الكريم والقرآن حدثنا أن الأجيال تتغير كل أربعين عاما، في الأربعين الأولى كان عندنا نكبة وفي الأربعين الثانية أصبح عندنا انتفاضة ومواجهة وتحدٍ وقتال وقنابل وفي الأربعين الثالثة تكون النهاية إن شاء الله، وهذا استشفاف قرآني، فحينما فرض الله على بني إسرائيل التيه أربعين عاما لماذا؟ ليغير الجيل المريض التعبان ويأتي بجيل مقاتل وجيل النكبة بدّله الله بجيل الانتفاضة والجيل القادم هو جيل التحرير إن شاء الله تعالى".
قلت له: كيف ترى المستقبل؟
فقال: "أنا أقول طريقنا صعب ويحتاج تضحيات وصبر لكن المستقبل لنا إن شاء الله، هو قادم لا محالة هذا وعد الله والله لا يخلف وعده أبدا".
أليس ما قاله الشيخ قبل 16 عاما نرى بشائره الآن؟.
فرض الحواجز العسكرية العُمُرية على الأقصى
سادية احتلالية
تظهر جلية سادية الاحتلال الذي قرر وضع الحواجز العُمُرية مضافةً الى الحواجز العسكرية على الداخلين إلى المسجد الأقصى (منع من هم دون الـ 50 عاماً من الرجال من دخول المسجد) هذا اليوم تحديداً بعد أن أيقن أن أهلنا أنهوا كامل استعداداتهم لشد الرحال لهذه الليلة المباركة، ليلة القدر، التي يليها يوم الجمعة الأخير في شهر رمضان المبارك.
يحرص الاحتلال الإسرائيلي، واهماً وفاشلاً، أن يُظهر أن رواد وزوار المسجد الأقصى هم قلة قليلة حتى في شهر رمضان المبارك محاولاً بذلك أن يرسم صورة "انفضاض المسلمين" عن المسرى السليب، وما ذلك إلا جزء من تفكيره اللئيم الذي يحاول أن يفرض هيكلاً مزعوماً على حساب قبلة المسلمين الأولى، ولكن نطمئن الاحتلال أن مسعاه مرده إلى الخيبة والخسران لأن علاقتنا بالمسجد الأقصى هي علاقة عقائدية قائمة ودائمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فسعيه لتعطيل بعض مواسم العبادة يدل على قصر نظر وعلى عجز ومحدودية في التفكير.
ونؤكد المرة تلو المرة، أن المجتمع الإسرائيلي لا يملك شيئاً ولا علاقة له بشيء من الـ 144 دونماً المكوٍّنة لمساحة المسجد الأقصى المبارك.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني
الخميس 26 رمضان 1435هـ الموافق 24 / 7 / 2014م
*****************
القصف الإسرائيلي دمر 40 مسجدا في غزة حتى الآن
الاحتلال يعتقل 3 من جنوده لنشرهم معلومات عن أسماء جنود قتلى
تسريح عشرات الجنود الصهاينة لخوفهم الدخول إلى غزة
بيلاي: إسرائيل ربما ارتكبت جرائم حرب بغزة
تركيا: تواصل الاحتجاجات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة
*****************
المقاومة الفلسطينيّة والحرب النفسيّة
محمود صالح عودة
من الطبيعي الوقوف ضدّ الحرب الإسرائيليّة على أهلنا وإخواننا في غزة المحاصرة، ولكن من واجبنا الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينيّة ودعمها.
هذا لا يعني بالضرورة حمل السلاح والذهاب إلى غزّة، فلا أظنّهم يحتاجون الدّعم البشريّ بقدر ما يحتاجون الدّعم الماديّ والمعنويّ، فالحرب النفسيّة إلى جانب معركة الوعي وإظهار الحقيقة للناس لا تقلّ أهميّة عن المواجهة المباشرة مع المحتلّ، لتميّز أصحاب الحقّ من أصحاب الباطل، والصادقين من الكاذبين والمدلّسين.
لدى إسرائيل غرف تعمل على مدار الساعة للدعاية (هاسبارا بالعبريّة وبروباغاندا بالإنكليزيّة) وترويج الرواية الصهيونيّة للأحداث الدائرة، وعمل هذه الغرف يزداد ويتضاعف خلال فترات الشدّة، خاصة خلال الحروب العدوانيّة التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيّين. عمل هذه الغرف لا يتوقّف عند وسيلة محدودة، فهو يبدأ بالإعلام المرئي والمسموع وينتهي بشبكات التواصل الاجتماعي، وبينهما وسائل متعدّدة أخرى، وتفخر إسرائيل بعمل هذه الغرف حيث لديها تقارير عنها في وسائل الإعلام.
من ناحية الإعلام الصهيونيّ الرسميّ، نجده يركّز بقوّة على أعمال الجيش الإسرائيلي من حيث "العدد" و"بنك الأهداف"، مثلاً: "حتى الآن ضربنا 200 مصدر إرهاب" أو "غاراتنا خلال أول 4 أيّام كان وزنها 900 طن". ما لا يقولونه إن معظم هذه الغارات تستهدف المنازل المدنيّة وتقتل المدنيّين بالرغم من كونها موجّهة ومتطوّرة وتصيب أهدافها بدقّة، بعكس سلاح المقاومة الذي يحتمل الخطأ في الهدف بدرجات متفاوتة تتعلّق بنوع السلاح وطريقة استخدامه. وإن دلّ هذا على شيء فهو أنّ إسرائيل لا تمتلك المعلومات الكافية عن المقاومة في ظلّ حكم حماس بالرغم من تفوّقها التكنولوجي كما كان الحال في السابق، حيث تزداد ضربات المقاومة النوعيّة يومًا بعد يوم.
لتبرير ضرب المواقع المدنيّة أو الفارغة وإيجاد قيمة لها نجد بعض الكتّاب الإسرائيليّين المعنيّين بالشأن الأمنيّ أمثال رون بن يشاي يتحدّثون عن "استهداف مواقع قد تؤذي قدرات حماس العسكريّة في المستقبل"، وهي عبارة فارغة المضمون مقصدها طمأنة الإسرائيليّين بأنّ جيشهم يفعل شيئًا ما لحمايتهم في المستقبل، مع أنّ النتائج على أرض الواقع عكسيّة وتجارب الماضي والحاضر أثبتت وما زالت تثبت أنّ المقاومة بتقدّم مستمرّ على كلّ الأصعدة في مواجهة الاحتلال. وإنّه لمن المؤسف أنّنا نجد بعض وسائل الإعلام العربيّة تستضيف بعض الكتّاب الإسرائيليّين وحتى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي على شاشاتها بالرغم من عداوتهم البيّنة، وقد تطرّق الكاتب مصطفى يوسف اللداوي في مقاله "أفيخاي أدرعي" لهذا الموضوع سابقًا.
من ناحية أخرى، يحاول الإعلام الإسرائيليّ التقليل من حجم وتأثير ضربات وعمليّات المقاومة، فلم نسمع عن الصواريخ التي سقطت ولكننا نسمع عن الصواريخ التي أُسقطت، بالرغم من أنها لا تشكّل 20% في أحسن الحالات. كما يتكتّم الإعلام عن حجم الخسائر البشريّة، بالرغم من وجود مقاطع فيديو تثبت ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي أو مواقع نشر الفيديو التي يصعب تطبيق قوانين المراقبة عليها.
أمّا على صعيد "غُرف الدعاية" التي شاهدنا تقارير عنها مؤخرًا، فتجلس مجموعات صهيونيّة على الحواسيب وتعمل في المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي بعدّة لغات للدفاع عن جرائم إسرائيل وشرعنتها، وتزييف الحقائق، وتحريض النّاس على المقاومة. لا يعني هذا أنّها تحرّض النّاس على الفلسطينيّين دائمًا، ولكنّها تكتفي أحيانًا بشيطنة حماس وقلب الرأي العام عليها كونها الحركة الأكبر ورأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيونيّ في فلسطين.
إنّ مواجهة الدعاية الإسرائيليّة ودعم المقاومة من أولويّاتنا خلال هذه الفترة العصيبة وبشكل عام، فإنّه من غير المقبول إنسانيًا ودينيًا ووطنيًا الوقوف على الحياد إزاء المعتدي والمعتدى عليه، لا سيّما أنّنا كشعب وقضيّة نواجه أبشع أنواع التآمر من القريب قبل البعيد.
*****************
شؤون تركية
نتائج آخر استطلاعات الرأي
حول الإنتخابات الرئاسية التركية
أشارت استطلاعات الرأي التي أجرتها كبرى شركات الاستطلاع التركية، أن رئيس الوزراء ومرشح حزب العدالة والتنمية الرئاسي في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في العاشر من آب / أغسطس المقبل، رجب طيب أردوغان سينتخب رئيساً للبلاد في المرحلة الأولى من الإنتخابات، بنسبة 54.6% من إجمالية أصوات الناخبين.. وقدّم مسؤولو الحزب نتائج الاستطلاع التي أجرتها كل من شركة بولمارك وأنار وغينار ودنغه، لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
وبحسب نتائج الاستطلاع حسب ما ذكر موقع يني شفق، فإن:
54.6% من المواطنين سيدلون بأصواتهم لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
38.1% لمرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو.
7.3% لمرشح الحزب الكردي صلاح الدين دميرطاش.
نتائج استطلاعات للرأي حول الانتخابات الرئاسية في تركيا 2014
جهة الاستطلاع
|
النسبة التي سيحصل عليها أردوغان
|
النسبة التي سيحصل عليها إحسان أوغلو
|
جينار
|
55.2%
|
35.8%
|
ماك
|
56.1%
|
34.2%
|
سونار
|
46%
|
35.5%
|
بول مارك
|
51.4%
|
39.4%
|
أو- آر-سي
|
54%
|
39.4%
|
*****************
استطلاع: 99.2 في المائة من الشعب التركي مسلم و83.4 في المئة صائم
النجم ذو الأصول التركية مسعود أوزيل يتبرع بـ 450 ألف دولار إلى غزة
أردوغان إلى العالم الإسلامي: شرفكم وعزتكم تموت في غزة
أردوغان: لو وقف المسلمون مع فلسطين عام 1948 مانزفت دماء الأمة اليوم
"إحسان أوغلو" يندد بالهجمات الإسرائيلية على "غزّة"
أردوغان: سنقدم كل الدعم لجمهورية قبرص التركية
مسنة تركية تتبرع لحملة أردوغان بمبلغ ادخرته لكفنها
10 جامعات تركية ضمن أفضل ألف جامعة في العالم
*****************
من معين التربية الإخوانية
الفوائد العشر المباركات
في فضل الباقيات الصالحات
بقلم: د. عبد الرحمن البر
سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
1- أفضل الكلام بعد القرآن
قال البخاري: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ الكَلاَمِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ).
وقد أخرجه مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ بلفظ: (أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: ... لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ).
وأخرجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بلفظ: (لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ).
2- الباقيات الصالحات المنجيات
أخرج النسائي والحاكم وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا جُنَّتَكُمْ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: (لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ (عند الحاكم: مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ)، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ).
3- غراس الجنة التي أوصى بها الخليل عليه السلام
أخرج الترمذي وحسنه عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ).
4- تجزئ من لم يحفظ القرآن ويستجاب بها الدعاء
أخرج أبو داود وأحمد وصححه ابن حبان والحاكم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ، قَالَ: (قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا لِي؟ قَالَ: (قُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي). فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلَأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ). وفي رواية عند ابن الجارود في المنتقى: قَالَ الرَّجُلُ: أَرْبَعٌ لِرَبِّي، وَأَرْبَعٌ لِي.
5- يجيب الله عبده على كل كلمة منها ويستجيب دعاءه
أخرج البيهقي في الشعب والضياء في المختارة بسند حسن عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي خَيْرًا. فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَقَالَ: (قُلْ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ). قَالَ: فَعَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى يَدِهِ، وَمَضَى فَتَفَكَّرَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تَفَكَّرَ الْبَائِسُ). فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، هَذَا لِلَّهِ، فَمَا لِي؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا أَعْرَابِيُّ إِذَا قُلْتَ: سُبْحَانَ اللهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُ أَكْبَرُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ اعْفِرْ لِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْحَمْنِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي قَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ). قَالَ: فَعَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى سَبْعٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ وَلَّى.
6- هي الكلم الطيب والعمل الصالح وتستغفر الملائكة لقائلهن
أخرج الحاكم والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، قَبَضَ عَلَيْهِنَّ مَلَكٌ، فَضَمَّهُنَّ تَحْتَ جَنَاحِهِ وَصَعِدَ بِهِنَّ، لَا يَمُرُّ بِهِنَّ عَلَى جَمْعٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يَجِيءَ بِهِنَّ وَجْهَ الرَّحْمَنِ). ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللَّهِ (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعْهُ).
7- هي سلاح المؤمن عند الفزع
أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : (بَيْنَمَا رَجُلٌ رَأَى فِي الْمَنَامِ، أَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا سِلاحَ فَزَعِكُمْ. فَعَمَدَ النَّاسُ فَأَخَذُوا السِّلاحَ، حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ يَجِيءُ وَمَا مَعَهُ إِلَّا عَصًا، فَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَيْسَ هَذَا سِلاحَ فَزَعِكُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ: مَا سِلاحُ فَزَعِنَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ).
8- هي القرض الحسن
أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عنْ شَيْخٍ لَهُمْ، أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ السَّائِلَ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا؟ قَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا الْقَرْضُ الْحَسَنُ).
9- هي أفضل من عتق عددهن من الرقاب
أخرج البيهقي في الشعب عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ: أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ فِي الرَّحَبَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: (سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرَ)، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا حَبِيبٌ السُّلَمِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ؟ فَقَالَ الآخَرُ: اللهُمَّ إِنَّ هَذَا أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ، وَإِنِّي أَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَأَيُّهُمْ أَفْضَلُ؟ فَنَظَرُوا هُنَيَّةً، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ).
10- هي أنفع شيء بعد الموت
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: (رَأَيْتُ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ فِي النَّوْمِ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي الْمَنَامِ: لَا أَرَى أَحَدًا هُوَ أَعْقِلُ مِنَ الْخَلِيلِ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ الَّذِي كُنَّا فِيهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُ بِشَيْءٍ، لَمْ نَجِدْ شَيْئًا أَفْضَلَ (في الشعب: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا فِي الْآخِرَةِ أَنْفَعَ مِنْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ).
وأخرج البيهقي في الشعب عن إِدْرِيسَ بْنِ أَبِي بَكْرِ، ابْنِ أَخِي جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: كُنَّا نُجَالِسُ الْبَتِّيَّ عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ قُلْتُ: كَيْفَ رَأَيْتَ مَا كُنَّا فِيهِ؟ قَالَ: (بَاطِلٌ كُلُّهُ، لَمْ أَجِدْ خَيْرًا مِنْ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ).
بعد هذه العشر الطيبات، هل قررت لنفسك وردا يوميا منها مائة مرة، مثلما قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: (مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، مِائَةَ مَرَّةٍ).
أم تفعل مثل ما كان يفعل خُلَيْدٌ الْعَصْرِيُّ الذي روى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْه: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِبَيْتِهِ فَيُقَمُّ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِوِسَادَتَيْنِ، ثُمَّ يَغْلِقُ بَابَهُ، ثُمَّ يَقْعُدُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَيَقُولُ: (مَرْحَبًا بِمَلَائِكَةِ رَبِّي، أَمَا وَاللهِ لَأُشْهِدَنَّكُمُ الْيَوْمَ خَيْرًا، خُذُوا: بِاسْمِ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ) عَامَّةَ يَوْمِهِ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، أَوْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ.
*****************
في المنهاج
حول آلية اختيار القيادات
في جماعة الإخوان المسلمين
انتشرت في الآونة الأخيرة كتابات متنوعة تتناول موضوع آليات اختيار مسئولي الجماعة في المواقع المختلفة في والمعايير التي يتم عليها هذا الاختيار، ومع التقدير لغيرة أصحاب هذه الكتابات بالرغم مما قد تحمله وتنتهي به من استنتاجات متسرعة يجافيها الصواب وتصطدم بحقيقة جلية وبينة وواضحة سطرها تاريخ الجماعة منذ نشأتها، من أن (المسئولية في عمل الجماعة، تكليف لا تشريف) وبما يدل عليه هذا الفهم من دوروس وعبر، فإنه وبعد طرح هذه القضية بهذا الاسلوب، فإنه من حق هذا الدعوة وعطاء رجالها على مر العصور أن نبسط هنا فكر ومنهج الجماعة في هذا الخصوص.
يقوم منهج التربية في الجماعة على خاصية بناء الإنسان في مفهوم الإسلام والتي تقوم على:
التوازن التكامل في عملية البناء.
ترتيب الأولويات.
بذل الوسع والأخذ بالأسباب مع الإيمان بأن الأمر موكول إلى رب الأسباب سبحانه وتعالى أولا وأخيرا.
فإذا كان لا رهبنة في الإسلام .. ولذلك كان التوجيه النبوي لأبي الدرداء رضي الله عنه بعد أن أقر سلمان رضي الله عنه على ما فعله وقاله لأبي الدرداء تعليقا على شكوى زوجته (فأعط كل ذي حق حقه)، ولا يصح أن ينشغل المسلم بالكلية بالصلاة عن السعي في الرزق، فإنه أيضا لا يجب على المسلم أن ينشغل بالسعي على الرزق عن أداء الصلاة .. وإذا كان هذا ميزان دقيق، فإن سيدنا عمر رضى الله عنه قد أكد على أهميته وضرورته حينما قال رضي الله عنه تعليقا على أحد المسلمين المقيمين طول الوقت في المسجد متسائلا: "فمن ينفق عليه" ... قالوا: "أخوه" ... فقال: "أخوه خير منه".
وفي الوقت الذي يحث فيه المسلم على الإتقان والإحسان فيحد شفرته ليحسن الذبح، فإنه يطلب منه في ذات الوقت، أن يرح ذبيحته.
ومن هنا فقد فرق الإسلام بين ما هو فريضة وما هو تطوع وجعل أداء الفريضة مقدم على التطوع ليس في الصلاة فقط ولكن في كل الأمور.
وهذا التكامل في الشخصية المسلمة يظل محكوما بقدرة كل إنسان وبشريته فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
وقد رأينا في سيرة الصحابة رضون الله عليهم جميعا كيف تفاوتت أقدارهم سواء من حيث تقدير الأمور أو من حيث القدرة على إحداث هذا التوازن والتكامل.
ويظل النموذج والقدوة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجا فذا في استنفاذ الأسباب في الهجرة حتى أنه استعان بمشرك ليكون له صلى الله عليه وسلم ولصاحبه رضي الله عنه دليلا في الطريق لخبرته وأمانته.
ولكن ظل اتخاذ الأسباب تعبدا إلى الله مع الإيمان بأنها ليست معيار النجاح وسببه ولكن التعلق بالله ونصره وحفظه هو الأساس.
وكذلك في غزوة الأحزاب فاتخاذ الأسباب يتم بحفر الخندق أما النصر فهو من عند الله وحده.
بل وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة رضوان الله عليهم يؤكدون أن معيار النصر بالنسبة للمسلمين ليس اتخاذ الأسباب على أهميتها وإنما على مدى الربط الإيماني بالله سبحانه وتعالى.
ويؤكد الفاروق رضوان الله عليه لقادة جيوشه أننا لا ننتصر على عدونا بعدد وعدة ولكننا ننتصر بطاعتنا لله وعدم معصيتنا فإن تساوينا في المعصية فاقنا العدو بعدده وعتاده.
وهذا معنى غاية في الأهمية للمسلم أن يتجرد ويخلص لله سبحانه وتعالى ويتعبد باتخاذ الأسباب لكنه يركن لجنب الله ويطلب منه العون والنصر.
كما حفلت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة معه بالعديد من الأحداث التي ترسم عبر ودروس وقيم في هذا الخصوص نذكر منها:
1- في قصة الإلهام بصيغة الآذان التي جعلها الإسلام خصوصية للمسلمين .. فإنه لم يجيئ الوحي بها، وإنما جاءت عبر رؤية لصحابي كريم مهموم بهذا الأمر بعد أن أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكدها سيدنا عمر رضي الله عنه من جانبه ... ومع ذلك لم تكن الرؤيا كافية لاختيار أحدهما بالقيام بالمهمة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم اختار بلالا رضي الله عنه ليقوم بالأذان .. وحدد السبب بأنه أندى صوتا، مع أن المدينة بحجمها آنذاك وأهلها لم يكونوا بحاجة إلى هذه الصفة.
2- في غزوة بدر بعد أن اختار النبي صلى الله عليه وسلم مكان استقرار الجيش جاءه الخباب بن المنذر رضي الله عنه ليشير عليه بأن هذا المكان غير مناسب ويوضح أسباب عدم مناسبته .. واقترح عليه موقعا غيره من واقع خبرته في ترتيبات القتال .. ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم استجاب لنصيحته، فإننا لا نجد في السيرة اختيار الخباب رضى الله عنه لقيادة أي معركة أو غزوة .. وهنا يأتي درس مهم لكل من القائد والجندي .. فالجندي يضع خبرته أمام القيادة التي يتوجب عليها الإستفادة بها ووضعها في الموقع المناسب وفي إطار ما تملكه من رؤيا أشمل وأوسع وما لديها من معايير أخرى في التكليف ورؤية أشمل من أداء المهمة فقط.
3- سمى النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه بسيف الله المسلول في غزوة مؤتة وأثبت رضوان الله عليه كفاءة نادرة بقيادة المعارك ما زالت تدرس إلى الآن في الكليات العسكرية ووضعه أبو بكر رضي الله عنه على قيادة الجيش ولما جاء عمر رضي الله عنه اختلف في تقديره للأمر عن أبو بكر وخشي أن يفتن الناس بخالد فيرتبط النصر به دون الارتباط بالله وكان ذلك كافيا من وجهة نظره لعزل خالد بل وأثناء المعركة وتولية أبو عبيدة رضي الله عنه ولم يمنع ذلك المسلمين من الاستفادة من إمكانيات خالد وخبراته في المعارك رغم هذا العزل ولا منع ذلك خالدا رضي الله عنه من وضع خبراته لدى القيادة التي ربما من وجهة نظره دونه في هذا المجال.
مما سبق وغيره في السيرة كثير تلتمس قيادة الجماعة دائما رؤيتها وفقه عملها في ضرورة العناية بمعايير الاختيار لأي مسئولية مع الأخذ في الاعتبار المعاني السابقة من التجرد والإخلاص والإتقان والإحسان وكيفية الاستفادة بكل الطاقات وتوظيفها وإنزال الناس أماكنهم والتعبد لله بالاختيار ... الخ.
كما وضعت الجماعة في لوائحها بعض القواعد الآليات والضوابط التي تعظم بالتقدير البشري فعالية آليات الإختيار وتقلل ما أمكن من السلبيات البشرية .. وأهم هذه القواعد والآليات وتلك الضوابط:
الشورى وهي صفة يتصف بها المسلم والجماعة في كل شئونهم واعتمدت الجماعة إلزامية الشورى حتى يلتزم المسئول برأى الأغلبية ووضعت من آدابها ألا يرجح جانب المسئول الرأي إذا تساوت الأصوات بل وضعت هذا في لائحتها واعتبرت وجود أغلبية واضحة لازم لتكوين القرار ولا يستثنى من ذلك إلا الأمور غير المهمة وقد مارس ذلك قيادات الجماعة وهناك نماذج فذة لكن ليس هذا مجالها الآن.
اعتماد المؤسسية في كل أعمالها وعلى كل المستويات فلا يوجد قرار فردي وإنما كل القرارات تؤخذ في مؤسسات الجماعة الشورية سواء المكاتب أو مجالس الشورى وبالأغلبية.
التأهيل البشري والإداري حيث أنشأت الجماعة في وقت مبكر قسم خاص للتنمية البشرية يهتم بوضع توصيف لكل المهام والمواقع التنظيمية وتدريب الأفراد وتأهيلهم للمهام المختلفة سواء الإدارية أو التربوية وفق أحدث الدراسات والمعايير العلمية.
وكذلك قسم خاص للخطة يراعي وضع الخطط وفق أحدث المناهج العلمية ويقوم بالاستدراك على الخطط ووضع السيناريوهات المختلفة والترجيح بينها.
وكذلك قسم آخر للوائح لضبط كل اللوائح على كل المستويات وتحديثها وكل هذه الأقسام لها سنوات طويلة في الجماعة ويعمل بها متخصصون في هذه الجوانب.
وفي ضوء هذه القواعد وتلك الثقافة، وبالنظر إلى صف الجماعة فإنه يمكن لنا تمييز الفئتين التاليتين بين مسئولي الجماعة:
1- القيادات المنتخبة: وهذه تمثل كل المجالس الشورية، فلكل شعبة ولكل منطقة ولكل محافظة مجلس شورى وللقطر مجلس شورى عام، وهذه المجالس تنتخب من القاعدة الإخوانية في الموقع الجغرافي الذي تمثله، ولكل مجلس ممثليه في المستوى الذي يليه أيضا بالانتخاب السري المباشر من القاعدة الإخوانية، وتم توسيع القاعدة المشاركة مع تحسن الأوضاع الأمنية التي تحيط بالجماعة بل ولم يتوقف هذا الأمر حتى في أشد ظروف التضييق على الجماعة أو في السجون فكانت عملية الانتخاب الداخلي تتم على كل أو معظم المستويات دائما.
ثم المكاتب التي تدير العمل اليومي للشعب والمناطق والمحافظة ومكتب الإرشاد وهذه أيضا بالانتخاب السري المباشر من مجالس الشورى كل في مستواه ولكل مستوى من المستويات السابقة توصيف لكل مهمة وشروط عامة ينبغي توافرها وكذلك صلاحيات وواجبات كل مستوى أو كل مسئول أو مكلف بمهمة.
وجرى العرف في عمل الجماعة ألا يوجد ترشيحات وإنما كل الأعضاء مرشحون ولا يعتبر الفائز إلا إذا حصل على أكثر من نصف الأصوات وإلا يتم الإعادة بين ضعف العدد المطلوب من بين الحاصلين على أعلى الأصوات.
ويبقى العمل البشري خاضع لاجتهادات الأفراد والتي قد تخطئ أو تصيب وتكون البركة في الشورى ونتيجتها وليس من أدبيات الإخوان تزكية أحد أو التحدث بتقديم أو استبعاد أحد من الاختيار وهناك نسبة لا يتم تجاوزها للتعيين ليتم تدارك بعض سلبيات الانتخابات والتي تغطي إما بعض التخصصات التي لا تتوفر بالانتخابات أو نتيجة لانتقال بعض الكفاءات ولا يتوفر فيها شروط الاختيار لأن من الشروط الإقامة لحد أدنى في نطاق الموقع الجغرافي وهذه المكاتب هي التي تتولى توزيع الأعباء أو اختيار اللجان الفنية بالشورى فلا يختار أحدا حتى المسئول أحدا لمهمة.
2- المسئوليات التي تحديد القائمين بها بأسلوب التعيين أو الاختيار المباشر وهي خاصة باللجان المتخصصة والفنية النوعية فهذه يتم فيها الاختيار وفقا أيضا لتوصيف المهمة ومدى تأهل الأفراد للمهمة ولا يتم الاختيار إلا بالأغلبية كل في المستوى المنتخب المسئول عنه فمثلا اللجنة الفنية في الشعبة يقوم مكتب الشعبة باختيار افرادها واعتماد هذا الاختيار من المستوى الأعلى وهكذا.
ومع كل هذا الإرث، فإننا لا يجب أن نغفل أن هناك صعوبات تواجه عمل الجماعة سواء في الانتخابات أو التعيينات نلخص أهمها فيما يلي:
1- تداعيات التضييق الأمني الذي يحيط بعمل الجماعة معظم تاريخها والذي يعوق عملية تسجيل الخبرات والدورات التي شارك فيها كل أخ نظرا لما قد يترتب عليه من تكلفة أمنية وبالتالي فالاعتماد على ذاكرة الأفراد ومدى المعايشة بينهم في معرفتهم.
وكذلك لا يتاح احتكاك مباشر وعميق بين الأفراد ليتعارفوا بشكل دقيق إلا من خلال المعسكرات والرحلات وفترات السجون وبالتالي قد يشوب الاخيار سواء بالانتخاب أو التعيين بعض جوانب القصور.
2- زهد بعض الأفراد إن لم يكن معظمهم عن تحمل المسئوليات أو حتى التعريف بما لديه من خبرات لإخوانه إلا من هم قريبين منه.
3- إمكانية حدوث تباين بين توافر المؤهلات نظريا وواقع الممارسة العملية بعد الاختيار، فقد يتوفر لأخ خبرة نظرية في مجال ما ثم لا يستطيع ممارسة هذه الخبرة من الناحية العملية أو العكس فقد تجد من يجيد الاستفادة من خبرات إخوانه في اللجنة التي يترأسها رغم تواضع إمكاناته الفنية وقد تجد العكس فيمن قد تجده متميزا فنيا ولكنه لا يحسن الاستفادة بإمكانات إخوانه أو لا يحافظ على الارتقاء الإيماني بهم أثناء أدائهم الفني وهناك من يحسن الأمرين معا.
وبعد ،
كانت هذه رؤية موجزة حول فقه عمل الجماعة في هذا الموضوع الذي بدا يأخذ حيزا في وسائل الإعلام هذه الايام وتتناوله بعض الكتابات التي تنظر إلى هذه القضية الحيوية بمنظار يعوزه الشمول وإدراك بيئة عمل الجماعة.
وندعوه سبحانه وتعالى لنا وللجميع (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
ونسأله جل في علاه أن نكون من المشمولين في كل عملنا بحديث زعيمنا وقدوتنا المصطفى صلى الله عليه وسلم (ومن اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد فأصاب فله أجرين).
وما علينا إلا بذل الوسع وإخلاص القصد.
والله أكبر ولله الحمد.
د . محمود حسين
عضو مكتب الإرشاد والأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين
*****************
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
والله أكبر ولله الحمد
وفي انتظار رؤيتكم ونصائحكم
أسرة رسالة الإخوان
هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته
هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته
وكل عام وأنتم بخير بحلول عيد الفطر المبارك
أعادة الله عليكم وعلى أمتنا وعلى أهلنا في غزة " العزة"
بالنصر والتقدم والازدهار
|