الديموقراطية و الشـورى – 1
من متابعة الانتخابات الإيرانية وما جرى بعدها ، ينطلق سـؤال هام جداً حول أزمـة الديموقراطية ، لماذا يتهم الإصلاحيون خصومهم المحافظين بالتزوير ؟ وهل نستطيع التأكد من صحة الاتهام ؟ أو عدم صحته ؟
وليس هذا خاصاً بالانتخابات الإيرانية ، بل حدث حتى في الانتخابات الأمريكية في ولاية بوش الابن الأولى ، عندما نجح بفارق بسيط في الأصوات واعترض خصومه وتدخل القضاء في ذلك ...
ويؤكد الإخوان الجزائريون أن الشيخ محفوظ النحناح يرحمه الله كان ناجحاً في الانتخابات الرئاسية التي خاضها ضد ( الأمين زروال ) ، ولكن التزويرالذي وصل إلى إحضار صناديق كاملة ملئت بماتريد الحكومة ، ثم تصب أصواتها في الاقتراع ....
وكيف ينجح صدام يغفر الله له في آخر انتخاب ويحصل على (100%) ، وينجح غيره من هو أشد منه تنكيلاً بالشعب ب (99ر99 % ) ، كل هذا العجب يضيف أزمات إلى أزمة الديموقراطية ...
وفي البداية نذكر بأن تعميق الديموقراطية يكون بمشاركة الشعب كله في الانتخاب ( رجال ونساء ، كبار وصغار ، دكاترة وفلاحون ....إلخ ) والمطلوب العدد الكمي وليس الكيف ... وكلما زادت المشاركة كانت الديموقراطية أعمق وأكثر نضجاً ...
وكيف تباع الأصوات؟ بثمن بخس في آخر انتخابات جرت في بلاد عربية عريقة في الانتخابات والديموقراطية ...وماذا يدل ذلك ؟
أما ما كنت أراه قبل نصف قرن تقريباً من نماذج كأن يخرج أحد أزلام المترشحين إلى الريف ويحضر معه مئات البطاقات الشخصية لينتخب عنها ، فقد رأينا هذا مرات ومرات ...ويجمع هذه االبطاقات مجاناً لأنه يكفي أصحابها عناء الذهاب إلى مكان صندوق الاقتراع ... ويضع عيها ختم الانتخاب ، ويسأل المواطن أحياناً عنه !! لذلك يقدم له هذا الرجل من أزلام المترشحين ، يقدم له خدمة عندما يأخذ بطاقته لينتخب نيابة عنه !!!
انتحار الديمقراطيـة الأمريكيـة
هذا في بلادنــا المتخلفــة أما في أميــركا فيقـول قـدري قـلعـي في كتــابه ( أميركا وغطرسة القوة ) تحت عنوان انتحار الديمقراطية (...وبدأ تطاغــي نفـــوذ الشـــركات الكبرى؛ يفرغ الديمقراطية الأميركية من محتواها... وظــل هـذا النفــوذ يتصاعد باستمرار، وكانت القيم تنحدر وتفسر القوانين لمصلحة صاحب النفوذ الأقوى )()،( ومنذ أن تغلغلت الصهيونية في المجتمع الأميركي، وسيطرت على مرافقه السياسية والإعلامية، وغدا لأصوات اليهود ذلك الثقل في انتخابات رئاسة الجمهورية؛ أضحى رئيس الجمهورية الأميركية مجرد دمية في أيدي اليهود ، حتى قال وايزمان إن الصهيونية هي صاحبة السيادة الحقيقية في الولايات المتحدة ، وإن زعيمها هو الرئيس الفعلي لها ().
( ...وقد بات هذا الانتخاب خطراً على الديمقراطية نفسها ، لأن فئة قليلة يقل عددها عن نسبة ثلاثة في المائة من مجموع المواطنين ؛ أصبحت تسيرهذه الانتخابات وتوجهها لأغراض غير أميركي، ولمصلحة دولة غير الدولة الأميركية ، ولأن هذه الفئة الصغيرة المدركة لهدفها ، والمتضامنة في عملها ، والمتفوقة في تنظيمها (يقصد الصهاينة) ، تفرض إرادتها على الأكثرية الخالية الذهن من ذلك الهدف ، أو العاجزة فكرياً عن فهمه والإحاطة به ، وإدراك أخطاره المقبلة ، فلا يتم اختيار الحكام والقضـاة والنواب والشـيوخ والرؤساء لكفايتهم وخبراتهم ومبادئهم السلمية وتفوقهم العلمي والخلقي ، بل لأنهم أكثر انسياقاً في المخطط الصهيوني ، والعمل لتحقيق أهداف إسرائيل.(
(وهكـذا بدلاً من أن يقمع هؤلاء الثلاثة بالمائة ويزج بهم في السجون ؛ لأن ولاءهم ليس لوطنهم ، باتوا يسيطرون على مقدرات الوطن ، ويسخرونه لخدمة الطغمة الحاكمة في إسرائيل ... حتى بات من المستحيل معرفة من يحكم أميركا الكنيست أم البيت الأبيض ؟ () .
ولنتساءل كيف صارت الكنيست تحكم أميركا ؟ أليس وسيلتها هي الديموقراطية ، وبتعبير آخر أصوات الأكثرية التي تشحن بالدعاية الصهيونية، ثم تذهب إلى صناديق الاقتراع لتفرغ فيها ماشحن في ذهنها بواسطة الدعاية الانتخابية !!!
وقل الشيء نفسـه لكل انتخابات تقوم على أصوات العامة، حيث يمكن توجيه أصوات العامة نحو هدف معين مخطط من قبل مراكز قوى في المجتمع كاللوبي الصهيوني في أميركا ...
لذلك لانعجب عندما نجد أصوات العامة تـُصَبُ، أو يقال أنها صبت للديكتاتور الذي يذبحها ويسرق حليب أطفالها ...
كل هذا وكثير مثله يجعلنا نـرى أن الديموقراطية خطوة نحو الطريق الصحيح لكنها غيركافية ، ولابد من الشورى التي سنجد فيها تجنب هذه السلبيات .... كما سنرى
|