بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإن الدين النصيحـة ، وهذه نصيحتي لإخواني وأحبابي في الله الأخوة الجزائريين أعضاء حركة مجتمع السلم .
من نعم الله الكبرى علي أن وفقني إلى العمل في الجزائر الحبيبة خمس سنوات مدرسـاً للفلسفة في ثانوية ورقلة المختلطة من ( 17/9/1974م) وحتى (16/6/1979م) ، أحببت من خلالها الشـعب الجزائري ، لما وجدت عنده حباً عميقاً للإسلام ، ثم استمرت صلتي بالأحباب الجزائريين عندما أكرمني الله عزوجل بالإقامة في المدينة المنورة ، وحققت أمنية العمر وهي زيارة الجزائر فكان ذلك من (2/8/2007) وحتى (2/9/2007) ولله الحمد والمنة والفضل .
وهذه بعض معالم لهذه الرحلة :
1- بالغ الأخوة الجزائريون في إكرامي ، فقد تسلموني في المطار ، ولازموني حتى أعادوني إلى المطار ، بعد رحلات داخلية بالطائرة إلى ورقلة وتقرت والواد ثم بشـار ، ورحلات بالسيارة إلى تنـس ، وجيجل ، والبليدة والقليعة وغيرها كثير ... ودائماً كان أحد كبار الأخوة مرافقاً لي في الطائرة أو السيارة ...وأخص بالشكر الأخ رئيس الحركة الذي أبدى نحوي مزيداً من الاهتمام خلال الجامعة الصيفية ، ثم الأخ العيد محجوبي الأمين الوطني للتربية الذي بذل وقتـه لي من المطار وإلى المطار ، وجند أولاده في السهر على راحتي ، والأخ الأستاذ نورالدين مناع النائب في مجلس الشعب الوطني ، والذي استقبلني في المطار ورافقني في رحلة ورقلة وتقرت والواد جزاه الله خيراً ، ومعالي الأخ عبد القادر بن قرينة ، الوزير السابق ، الذي شجعني على رحلة العمـر ،وساعدني كثيراً في تحضير اللقاءات مع كبار الأخوة في الحركة ، وبالغ في إكرامي ، وكثير غيرهم جزاهم الله خيراً ...
2- هذه بعض انطباعات من باب واجب النصيحة للأخوة الأحباب :
1- تفريغ عدد كبير من الأخوة للعمل الحركي ، بعد تقاعدهم من الوزارات أو النيابة ، أمر إيجابي وعظيم ، تغبطون عليه ، وبارك الله لكم فيـه ، ونتحسر في المشرق على عشر هذا المجال الذي يوفر للحركة كوادر خبيرة ومهتمـة ولديها الوقت الكافي لخدمة الحركة .
2- المشاركة في الحكم فرصة توفر تفاعل الحركة مع الشعب الجزائري بكل أصنافه ، يتعرف المواطن من خلالها على الحركة ، ويكون عنها تصوراً صحيحاً إيجابياً إن شاء الله ... قلت يتعرف الشعب من خلال المشاركة على الحركة ورجالها وقادتها وأنشطتها ، وبقدر ما يسهر أبناء الحركة ويبذلون من عرقهم ووقتهم ؛ من أجل خدمة الشعب كله ، يكون التصور إيجابياً ...وأي هفـوة تسجل ، بل يبالغ فيها ، وترصد ضـد الحركـة ...لذلك الحذر الحذر ، والجهد الجهد ...وقد وعدكم الله عزوجل بجنة عرضها السموات والأرض ...
3- استيعاب المرأة في الحركة أمر عظيم ، ومشاركة المرأة في جميع أنشطة الحركة أمر ممتاز، والحركة عندكم سبقت المشـرق كثيراً في هذا المجال الذي نسعى لمثله في المشرق... وأعظم جوانبه الايجابية الحصول على صوت المرأة في الانتخابات ..ومع هذا كله أرى أنه لابد من الحـذر والحيطـة وضبط الاختلاط بضوابط شرعية ، وأرى أن نفكر بإقامة بعض الأنشطة النسـوية خاصة بالمرأة تقوم عليها أخوات قادرات ومؤهلات وعندكم كثيرات أهل لذلك ، مثلاً في المخيمات التي زرتها فيها أسـر ( أب وأم وبنين وبنات ) ، يمكن جمع الفتيات في هذا المخيم مع أخت في لقاء يومي خاص بهـن ، كما يجمع البنون في لقاء خاص بهم ، وعند الضرورة ( محاضرة لزائر مثلاً ) يجمع الجميع في لقاء واحد مع مراعاة الضوابط الشرعية .... وعلى مستوى البلدية أرى أن يقوم نشاط نسوي يجمع نساء الحركة وغيرهن من خارج الحركة ، تشرف عليه أخت ناشطة وواعية من الحركة ، كما نفعل في المشرق ، وعند زيارة إحدى الأخوات المؤهلات إلى المدينة سنجمعها مع بعض الأخوات الداعيات عندنا إن شاء الله تعالى ، فتتعرف على أنشطة الأخوات عندنا ...
4- الجامعات الربيعية والصيفية نشاط سياسي ممتاز ، يؤدي دوراً عظيماً في التوعية السياسية ...أسأل الله أن يبارك لكم فيـه ..كما أتمنى أن تكون هذه الجامعات وسيلة للقاء إخوانكم من سائر الأقطار والاستفادة من خبراتهم ...وعدم التركيز على عدد محدود من الضيوف ، بل تنويع وتغيير الضيوف ، ومحاولة لاستقبال موفدين عن جميع الحركات الإسلامية ، وذلك لزيادة الفائدة بين الأطراف الملتقيـة.
5- المخيمات وسيلة تربوية ممتازة ، تحقق التعارف والتآلف بين أبناء الحركة ، ولابد من التعارف والتآلف قبل التنظيم ... وأرى أن نستفيد من وقت المخيم أكثر مما هو كما رأيت :
- ينبغي شغل الوقت بعد صلاة الفجر وبعد المأثورات التي غبطناكم على الالتزام بها ، شغل الوقت بالدرس ، أو التلاوة حتى بعد الشروق ، ولا أفضل النوم مباشرة ، وهذا الوقت ثمين للدرس ، والتعلم ، ويمكن الاستفادة من المشاركين والمشاركات في المخيم في تعليم الآخرين خلال هذا الوقت ، وعدم إضاعته في النوم ...
- لابد من الاهتمام بإقـامة الليــالي ، والتهجد ، في المخيمات ، ولو للشباب فقط ، أو لبعض الأخوة المخيرين ....
- ينبغي إقامة تدريبات رياضية للبنين في الصباح ـ بعد الشروق ـ تكسب أجسادهم قوة ومتانـة ، يشرف عليها أخ سبق له تأدية الخدمة العسكرية ...وربما تكون السباحة أو كرة القدم جزءاً منها ، ويمكن إقامة تدريبات للبنات بعيدة عن البنين ، ومحجوبة عن أنظارهم ، مع أخت مؤهلة لذلك تنشط أجسادهن ، بتمارين رياضية تليق وتناسب المرأة ...
- تقليل الطعام وخشونته من أهداف المخيمات ، وعادات إسلامية مرغوب فيها ، ومنها التدرب على خبز الشعير ، والاكتفاء بالتمر واللبن في يوم واحد أو أكثر من يوم من أيام المخيم ... ومن ذلك صيام الاثنين والخميس والإفطار الجماعي على قليل من الطعام ...
- وتتم الاستفادة المثلى من زمن المخيم عندما تكلف لجنة وطنية بتنظيم جدول يومي للمخيم ، بعد مدارسة ومناقشة ومحاولة الاستفادة المثلى من الزمن ، ثم يقرر هذا الجدول في جميع مخيمات الحركة ...
- إقامة مخيمات خاصة بالشباب تكثف فيها البرامج ، ويدعى لها شباب مخيرون من الحركة ، والهدف منها إعــداد القادة ، ويملأ وقتها بالبرامج المفيدة في التربية الروحية والعقلية والاجتماعية والجسدية ...
6- لم يتح لي زيارات للمساجد ، ودروس المساجد ، وأخشى أن هذا الجانب فيه تقصير اليوم ، ربما بسبب الانهماك بالعمل السياسي ، أو لوجود عقبات إدارية تعوق ذلك ، وفي كل الحالات أذكر بأن النشاط المسجدي هو الوسيلة الأولى للدعوة الإسلامية ، وأتمنى أن يكلف أخوة وأخوات مؤهلين لإقامة دروس في المساجد ، ومساعدتهم لتذليل العقبات الإدارية إن وجدت ، وبدهي أن نشاط المسجد نشاط إسلامي عام يشارك فيه جميع المواطنين ، وبهذا يكون نافذة نظيفة وربانية على الشعب ...
7- سمعت أن جمعية العلماء المسلمين موجودة ، وأتمنى أن تُفعّل ويقوم عليها أخوة أكفاء ، لايحـصرون أنفسهم في الحزبية الضيقة ، بل يجعلون من أنفسهم أخاً لكل جزائري ، كما يمكن أن تقوم هذه الجمعية بالنشاط المسجدي ، والتربوي ...
8- الانخراط في العمل السياسي ضروري لمن ينهج المشاركة في الحكم ،ولابد للحركة من إعطاء المشاركة حقها من العمل والتوعية والانتخابات وغير ذلك ، والنجاح في المشاركة نجاح في التربية أيضاً، وأتمنى أن يوازن بين النشاط السياسي ، والنشاط التربوي ، ويعطى كل منهما حقـه ، ويوظف لـه الأكفاء المؤهلين لـه ، خاصة وأن بعض الناس يقولون الحركة استغرقها العمل السياسي وأهملت التربيـة ...
9- من الأمنيات لنا في المشرق أن تتآلف الحركات الثلاث : مجتمع السلم ، والنهضة ، والإصلاح ، ومازلنا نتمنى هذا الائتلاف ، وأتمنى أن تقام أنشطة مشتركة ، كالجامعة الصيفية كانت لمجتمع السلم وللنهضة في زمن واحد وفي مكانين مختلفين ، هل يمكن أو هل يجوز أن نحلم في جامعة صيفية واحدة للحركتين أو الثلاث ، يتعاون الجميع فيها ، وتكون من وســائل التقريب بين هذه الحركات ، والأمر نفسه للمخيم ، ماالمانع من إقامة مخيم مشترك واحد تشترك فيه الحركات الثلاث أو اثنتين ، وبنفس الوقت تقام مخيمات خاصة بالحركة وحدها ، وربما التآلف الذي يأتي من هذه الأنشطة المشتركة ، يؤدي إلى توحيد المواقف فيما بعد ...
هذه معالم زيارة أخ أحبكم في الله ، وأسأل الله عزوجل أن تدوم محبتنا في الله ، وأن نكون من التقينا في طاعة الله عزوجل ... والحمد لله رب العالمين
المدينة المنورة في 10 رمضان 1428
د. خالد الاحمــد
|