
|
مواقف سعيد لفتت أنظار المتظاهرين وحثتهم على مراجعة طروحاته خلال العقود الماضية(الجزيرة)
|
دعا المفكر والداعية الإسلامي السوري جودت سعيد المتظاهرين السوريين إلى التمسك بسلمية التحرك وأكد عدالة مطالبهم بوصفهم "خلفاء الله في الأرض"، وأوصاهم بقوله "لا تسبوا ولا تضربوا ولا تهربوا، اثبتوا وقولوا لا إله إلا الله".
ويتمحور نهج سعيد (80 عاما) الفكري حول عدم العنف وعدم الإكراه مما جعله متناغما مع روح الشباب و"الثورة السلمية"، الأمر الذي لفت أنظار بعضهم وحثهم على مراجعة ما طرحه الرجل خلال العقود الماضية.
ويعرف سعيد بأنه داعية إلى عدم العنف وغاندي العالم العربي، حيث كان أول ما كتبه في مطلع الستينيات "مذهب ابن آدم الأول" وهو يناقش مبدأ عدم العنف وعلاقته الجذرية بالإسلام، ويرى بعضهم أن القصد من وراء الامتناع عن استخدام العنف أو القوة هو اللجوء إلى العقل والتفكير.
وظهر الكتاب قبل بروز التيار الإخواني في سورية ووقوع حوادث العنف والاعتقالات الواسعة، ولعل تجربة جودت سعيد في مصر -حيث درس في الأزهر الشريف- ومشاهدته لما جرت عليه الأمور بين السلطة والإخوان، جعلتاه يتوقع تكرار نفس التجربة في سوريا.
ولم يكتب سعيد كتابه إلا بعد أن جرى اعتقاله على خلفية نشاطه الفكري، وبعد تجربة الاعتقال شعر بأنه من الضروري توثيق بعض الأفكار التي كانت تلوح له وخصوصًا المتعلقة بعدم العنف.
وفي حديث للجزيرة نت أوضح سعيد أن الشباب هم الذين طالبوا بالديمقراطية والحرية وعدم الإكراه في الدين وليس أساتذتهم، وقال إن العالم العربي لا يوجد فيه علماء دينيون ولا علمانيون، مضيفا أن أستاذ الجامعة وإمام الجامع لا يؤديان الدور المطلوب منهما.
ويعتقد أنه لو قام الأساتذة بدورهم في تحرير الإنسان لما وجد الاستبداد، ولما كان الحاكم يفرض نفسه "أنا ربكم الأعلى"، والمفروض أن يحتكم للانتخابات وأن يرجع إلى بيته إذا فشل، موضحا أن قصة فرعون هي أطول قصة في القرآن الكريم، لأنها وثيقة الصلة بواقع السلطة والحكم، وكل الآيات التي وصفت فرعون تنطبق على الديكتاتوريين في العالم العربي.
وأضاف سعيد إذا كانت سوريا دولة الصمود والمقاومة، فإن برلمانها الذي يُنتخب بنزاهة سيكون مقاومًا وممانعًا وصامدًا أكثر من حكامها، مشيرا إلى النموذج المصري الذي أظهر فيه الشعب موقفا حازما تجاه إسرائيل.

|
لا فتة ترفع شعارا سلميا في مظاهرات بريف دمشق (الجزيرة)
|
الديمقراطية ولفت سعيد إلى أن الديمقراطية تعني توحيد الله لأنها تفيد بألا يكون لدينا آلهة بشرية نعبدها، ولأن الله أكبر كانت أساس الحرية، وسقطت أول هذه الآلهة في تونس وبعدها مصر، وهي في انتظار سقوطها في ليبيا واليمن وعندنا في سوريا، وأيضا ستسقط هذه الآلهة في طهران والرياض.
ويضيف أن المستضعفين في الأرض هم الذين يعرفون معنى العدل وليس المستكبرين، وفي صندوق الاقتراع صوت الإنسان الضعيف يكافئ صوت الإنسان القوي، ويرى أنه إلى الآن لم تكن هناك انتخابات حقيقية في العالم العربي، آملا أن تتحقق قريبا في مصر وتونس.
وقال إن الغربيين الذين ابتكروا وسائل نقل حديثة ابتكروا أيضا الديمقراطية وسيلة لنقل السلطة، وسيتم التسليم بمبدأ الديمقراطية، كما سلمت البشرية الآن بحقيقة أن الأرض تدور حول الشمس، رغم أن أول من تحدث عن ذلك قبل ألف سنة أحرق بمباركة الكنيسة والدولة.
الطائفية والحكم وعن موضوع الطائفية أشار سعيد إلى أن حافظ الأسد وأخاه رفعت لم يكونا من طائفتين مختلفتين حين حاول رفعت الانقلاب على أخيه، وقام الآخر بنفيه وتهجيره. وأعرب عن اعتقاده أن المشكلة تكمن في التنافس على السلطة والحكم وليست مشكلة تنوع أو اختلاف طائفي.
ولا يخشى سعيد التنوع في الحالة السورية بل على العكس يرى أن الاتحاد الأوروبي مثال واضح، إذ اتحدت 27 دولة بما فيها من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة، ويعتقد أن ذلك تحقق بفضل الديمقراطية، وأنها دول اكتشفت أن مصالحها الحقيقة في تضامنها وليس في اقتتالها.

|
شعارات تنبذ الحرب والطائفية في المظاهرات السورية (الجزيرة)
|
وأكد سعيد إيمانه بمبدأ "تعالوا إلى كلمة سواء"، وقال "نعطي لكم كل شيء نعطيه لأنفسنا، وإذا تجاوزتم فنحن نلتزم من طرف واحد، ونقول اشهدوا بأننا مسلمون بكلمة السواء، وليرشح أيا كان نفسه للرئاسة وإذا فاز بالانتخاب فحلال عليه".
وأضاف أنه لا يجوز أن يكون هناك إنسان فوق القانون يخطئ ويسرق ويقتل ولا يحاسب، وأن أي مجتمع فيه أشخاص فوق القانون لابد أن يسقط، مستشهدا بحديث الرسول الكريم "إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".
وكرر سعيد عبارته الشهيرة "الإنسان بإقناعه يعطيك روحه وماله وبإكراهه لا يعطيك إلا الكذب والنفاق والغدر".
واستنادا إلى الآية الكريمة "لا إكراه في الدين" يوضح سعيد أن الله عز وجل يقول لا تقبلوا ديني بالإكراه ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، نحن لا نخاف من الكفر، لكن نلوم أنفسنا إذا لم ننصر الحق.
|