تصويت

ما تقييمك للموقع ؟
 

المتواجدون الآن

يوجد حاليا 138 زوار 
قاسم العغتر بطل القصير

قدمت عائلة العقيد "قاسم العتر" في مدينة "القصير" خيرة أبنائها على درب الحرية ونيل الكرامة

فهذا الضابط الذي حرمه حافظ الأسد من الترقية في حرب تشرين عام 1973 بعد أن قام بسحب 38 دبابة سورية واسرائيلية إلى الأراضي السوري قام الديكتاتور الصغير بقتل سبعة من أبنائه وأحفاده عامي 2012- 2013 .

وما إن هبّت نسائم الثورة السورية حتى دفع "قاسم العتر" بأبنائه وأحفاده إلى ميادين التظاهر السلمي بداية، ولكن عندما استفحلت جرائم النظام وزاد طغيانه وجبروته دفع بأولاده الستة وأحفاده الكثر إلى ميادين المواجهة المباشرة مع النظام

حول تفاصيل استشهاد هذا العدد من الشهداء من عائلة واحدة يقول أبو محمد القصيراوي أحد أقارب العائلة لـ"زمان الوصل":

كان "قاسم العتر" وهو من مواليد 1938 ضابطاً برتبة عقيد في الجيش السوري – سابقاً– قبل أن يتم تسريحه، وكان يكن للنظام مشاعر الكره كما يكره انتسابه لهذا الجيش، وفي بداية الثورة دفع بأولاده وأحفاده لساحات التظاهر، وعندما كان أحد أبنائه أو أحفاده يتخلف عن التظاهر ينزعج منه ويوبخه، لا بل كان هو أول المتظاهرين قبل أبنائه وأحفاده، وعندما بدأ النظام يستخدم الرصاص على التظاهرات فاستشهد عدد من المتظاهرين وبدأت الثورة المسلحة اشترى "بارودة" لابنه أحمد و"بارودة" لابنه خالد وقال لهم (مابدي شوفكن بالبيت إلا وقت السلم) وبعدها تسلح شبان ورجال العائلة كلهم تقريباً ولم يبق إلا ابن لم يتسلح لسبب صحي وآخر كان لديه عمل في المجلس المحلي.

مجزرة الدبابات في القصير

ويضيف القصيراوي: في معركة ضرب حاجز البرهانية في ريف القصير الغربي،كان قريبي رضوان يرمي على قاذف "بي 10" فاستطاع والحمدلله تدمير دبابتين في تلك المعركة وكان معه أشقاؤه "خالد" و"أحمد" فقام بضرب قذيفة على الدبابة الثالثة وكانت من نوع "تي 72" فأصابها ولكن لم تنفجر، وقدّر الله أن تستهدفه رصاصة من حاجز قريب فأصابته في صدره، وسقط شهيداً -بإذن الله– فأحضر أشقاؤه جثته إلى والدهم بعد أن انتهت المعركة، وكانت هذه المعركة لصالح الثوار حتى أن الإعلام سماها (مجزرة الدبابات) وعندما رأى جثة ابنه صبر واحتسب وقال للحاضرين (وبشر الصابرين إنا لله وإنا إليه راجعون) وكان أحد أبناء الجد ويدعى "خالد" ذاهباً إلى نوبة حرس كُلف بها ولم يستطع الوصول إلى مكان الحراسة اذ سقطت بقربه قذيفة هاون فأصابته شظية منها في قلبه وسقط شهيداً أيضاً، ولم يتغير الحال لدى والده بل قال لمن حوله: (نحنا كلنا مشاريع شهادة لا حدا يتراجع يا ولادي). وكان يرفع من عزيمتنا دائما، ويقوي إرادتنا وكان يتمنى دائما أن يخرج معنا للجهاد ولكننا كنا نمنعه من ذلك لكبر سنه وصحته التي لم تكن على ما يرام.

ويردف "أبو محمد القصيراوي": (بعد فترة بدأت معارك تحرير القصير وكانت الضربة الكبيرة لأربعة حواجز معاً وكان من ضمن الحواجز حاجز سويد فخرج ابنه "أحمد" مع من خرج وكان رامي قاذف مشهودا له في القصير بالمهارة والشجاعة ولكنه أصيب في معركة تحرير هذا الحاجز قبل حلول العيد بـ 10 أيام تقريباً وإصابته كانت بالغة بشظية في النخاع الشوكي أدت الى مقتله وعندما سمع الجد قاسم العتر بموته قال لأشقائه: ( الله يستر من أمكم (يقصد الجدة) ما تتحمل الصدمة أنا بدي ياها تصبر وتتعود عالموت وتحتسب أبناءها عند رب العالمين).

وآنذاك أصبح الأقرباء والأصدقاء يضغطون عليه قائلين له: (لازم تطلع برا القصير) ولكن عقيدته الراسخة وتسليمه بقضاء الله وقدره وتمسكه بالأرض حال دون خروجه من القصير، وبعد تشييع ابنه أحمد بفترة قصيرة كان ابنه عبد الرحمن بن أحمد(10سنوات) يقف على باب البيت، فبدأ القصف من الراجمات وقدر الله أن يستشهد هذا الطفل على باب البيت فقال الجد قاسم: (يا ولادي هذا طير بالجنة بإذن الله معقول مانفرحلو شبكن .. شدو حيلكن!) كان القصف وقتها على القصير عنيف جداً وبمختلف الأسلحة من طائرات وهاون ودبابات وراجمات، وبعد استشهاد الحفيد عبد الرحمن كانت ابنة عمه (رقية عبدالله العتر) التي لم تبلغ من العمر أربعة سنوات تلعب جانب أصيص من الورد مع قطتها التي اعتادت أن تلعب معها فأصابتها قذيفة هاون واستشهدت على الفور، فصبر الجد واحتسبها عند من لا تضيع ودائعه.

وبعد ذلك بأيام أفاقت مدينة القصير على هدوء غريب وكانت ابنة خالد (سحر) ذات الـ 6 سنوات في طريقها لشراء علبة بسكويت من دكان قريب من منزل أهلها وكان الوضع عادياً وخالياً من القصف والطيران ولم تمر دقائق قليلة إلا وكانت طائرة "الميغ" تحلق في السماء وتبدأ بضرب صواريخ كتيرة قريبة من بيت العتر وعلى الفور قال الجد:(طارت سحر عالجنة اطلبو منها تشفع إلنا)، وكأن قلبه كان دليله، فأحس أن الطفلة قد أصيبت من دون أن يتأكد أنها استشهدت بشظية من صاروخ الميغ، وفعلاً خرجنا إلى الشارع وأحضرنا جثة سحر التي دفنها جدها إلى جانب والدها "خالد".

ويردف قريب العائلة قائلاً: عندما بدأت ميليشيا حزب الله تحشد للقصير وحاولوا اقتحام الريف الغربي بدأ الحاج "قاسم العتر" بلبس الجعبة وحمل سلاحه والتحق بصفوف الثوار مثل أي مقاتل وعندما أصبح الحزب الغازي في مديرية الزراعة وحاول أن يقتحم وسط القصير من الجبهة الشرقية التي كانت قريبة من بيته، أصيب الحاج قاسم أثناء التصدي لهم وكانت إصابته في القدم اليمنى وأجبرته هذه الإصابة أن يظل في البيت ليومين. ومالبث أن عاد ليرابط على نفس الجبهة وجبهة المصفاة قبل الانسحاب من القصير بيوم واحد، وكانت مليشيا حزب الله متقدمة من الجهة الجنوبية وصار عناصرها بين البيوت، وكان ابنه فيصل الذي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره رامي (بي كي سي) استطاع أن يقتل 4 عناصر منهم، ولكنه استشهد ولم نستطع سحب جثته إلا في اليوم التالي أثناء انسحاب الثوار من القصير، ومشى الجد قاسم على قدمه التي أصيب بها مسافة 25 كم تقريباً دون أي شربة ماء أو قطعة خبز.

سكوت على مضض !

ويسرد الكاتب سعد سعد لـ"زمان الوصل" جوانب من حياة العقيد السابق "قاسم العتر" وتمرده على النظام قبل الثورة قائلاً:

درس العقيد قاسم العتر وحصل على الثانوية العامة الفرع العلمي بعلامات عالية ولكن الظروف المعيشية منعته من إكمال دراسته, فانتسب إلى الجيش أيام الوحدة بين سوريا ومصر, وحين قامت حركة الحزب بالاستيلاء على السلطة ومن بعدها حركة (صلاح جديد) أدرك العقيد قاسم العتر أن الهدف هو إقامة الدولة العلوية وإعادة دولة الفاطميين.

حاول التمرد على الحزب ولما لم يجد تجاوباً تراجع وسكت على مضض, وقامت حرب 1967 التي لم يصمد فيها الجيش سوى ساعات, فكلف العقيد بسحب الآليات المدمرة, حيث استمر 12 يوماً بعد الحرب بعمل متواصل حتى ظن الناس أنه قد استشهد.

وفي عام 1968 حاول الجيش الاعتداء على الأردن فدمرت بعض الدبابات وتراجعت القوى المكلفة, فقام العقيد بسحب الدبابات بعد أن جرها الجيش الأردني إلى داخل الأراضي الأردنية وحصل العقيد على وسام الشجاعة نتيجة ذلك.

وفي عام 1973 وبعد أن تراجعت القوات السورية بقيت الحملة 30 يوماً, وأخلى العقيد 29 دبابة سورية، و9 إسرائيليات ولكن الحزب العلوي تنكر لكل ذلك بسبب مواقفه المعارضة للحزب.

وكان "حافظ الأسد" قد أصدر مرسوماً بترقية كل من يأتي بدبابة للعدو وكان قد سحب مع عناصر كتيبته 38 دبابة وفوجىء بعدم وجود اسم له بين المترقين فقرر أن يراسل "حافظ الأسد"، ولكن ضابط الأمن في الكتيبة قال له: "إن استمريت بطلبك، سأقول إنك تسب الرئيس والبعث، وهنا ستخسر كل شىء فسحب طلبه وتم تسريحه من الجيش بعد أن بلغ الـ 40 عاماً!

 

 
RocketTheme Joomla Templates