الـمـقــــــدمــــة
إن الحمـد للـــه وحـده لا شــريك لــه ، والصلاة والســلام على رسول اللـه وبعد :-
جلست أنظـر في وجه مضيفي ، وقد تكاثر الشيب في لحيته ، ورحت أتذكـر باعـه الطـويل في الدعـوة والحـركة الإسلامية ، وعدد المرتدين عن الإســلام الذين هداهم اللـه - عزوجل - على يديه ، فعادوا إلى واحة الإيمان والتزموا بكــتاب اللـه وســنـة رســولـه r وصاروا من المسلمين المميزين بالــورع والتقــوى .
كنت أزوره بين الفينة والأخرى لأطرد عن قلبي جحافل الظلام ، وأشحنه بنور الإيمان ، فمضيفي كان علماً من أعلام الدعوة إلى اللـه ، ثم ساقته مشيئة اللـه - عزوجل - خارج بلده فقعد كما قعد الكثيرون ، ودخلت طفلة بين السابعة والثامنة من عمرها وقد سرحت شعرها على كتفيها ، تحمل صينية القـهــوة فقُطع شــريط الـذكــريات عندما غضضت بصـري ، وتناولت القهوة من الصينية ، ثم دخـل فـكري فـي مسار جديد ، قلت لصديقي وأستاذي الداعية وكنا منفردين :
- كيف تدخل طفلتكم على الضيوف ؟
- مازالت في الثامنة من عمرها ، وهي صغيرة ، غير مكلفة بالحجاب .
- ومتى تكلف بالحجاب ؟
- إذا بلغت المحيض طبعاً ، وعندئذٍ تأثم إذا سفرت .
- والآن ألا يوجد إثم إن سفرت أمام الرجال الأجانب ؟
- لا طبعاً ، كيف تأثم وهي صغيرة ، غير مكلفة ؟
- أما الطفلة فلا تأثم ، ولكن ألا يأثم غيرها ؟
- من تقصد يا أستاذ ؟
- ولي أمرها .
- سبحان اللـه عهدتك لا تتسرع في الحكم على الناس ، لقد أثرت عليك الحرارة الشديدة (ويضحك) .
- أنا لا أحكم ، وأسأل اللـه أن يغفر لي ولأستاذي ، ولكن هذا ما فهمته من مسؤولية الأب في تربية أولاده وبناته .
- هات ما جدَّ عندك أيها الباحث .
- نحن المسلمين المعاصرين نجهل أو ننسى أهم مرحلة في حياة الإنسان وهي الطفولة - مصنع المستقبل - .
- وإذا فشل الكبار ، فهل تريد النصر يأتي على يدي الصغار(ضاحكاً ) ؟
- أنت تمزح يا أستاذي ، وأنا متأكد أنك مقتنع بأن هؤلاء الصغار هم رأسمالنا الوحيد بعد اللـه - عزوجل - من أجل إقامة المجتمع المسلم .
- تريدنا أن نستفيد من معطيات علم النفس والتربية( ويبتسم ) ؟
- أريد أن نستفيد من كتاب اللـه وسنة رسوله r في تربية أطفالنا ، وتنمية رأسمالنا الوحيد ، من أجل عزة المسلمين .
- قــل لـي مـاذا تريـــد بالتحديد ؟
- أريــــــــــــد :
1-أن يعرف الأب المسلم والأم المسلمة متى تدرب البنات على الحجاب .
2-أن يعرف الأب المسلم والأم المسلمة متى تؤمر البنات بالحجاب .
وثمــة مـلاحظـة لابـد مـن إبـدائـهـا وهي أن خـلاصـة صغــيرة جـــداً لهذا الكتــاب مــوجــودة فـي كتـابي تربيـــة البنـات فـي البيــت المســلم ، وهذه الخــلاصـة مكررة بشــكل مكثــف أيضــاً فــي كتــابي تــربيــة الأطفــال في الحــديث الشـــريف . فلمــاذا أكــرر الفـكــرة ، فأضعها في عدة كتب أو أصدرها على شـــكل كتــاب مســـتقل ؟ وجــوابي على هذا التســـاؤل أنني كلمــا تصـفـحـت كتــبي الســـابقة ووجــدت فيهـــا مــوضـوعــاً مهمــاً ومن الأمـــور الأســـاســــة فــي التـربيــة الإســـلاميـة ؛ ولم يســـتوفِ حقه من التفصيــل ؛ أشـــرع فـي تفصيـلــه وتــأكيــده فـي كتــاب جــديــد ، خاصة عنــدمــا أجــد حــاجــة المســـلمين مـاســـة لــهـذا الـموضوع ، كما أنتقي عنــوانــاً مثـيـراً لشــــد انتبـــاه المســــلمين إلـى قــراءة الـكتـاب لعلهم ينتفعــون به ، أما تكرار الفكرة فـي عدة كتب فالـهـدف من ذلك مناســبتها لموضوع الـكتــاب ، وضـمــان وصــولــهـا إلـى القـارئ المســـلم عنــدما تنشـــر فـي عــدة كتــب . ولعـلــي أُؤجـــر منــه عنــد ربــي ، يوم لا ينفع مــال ولا بنــــون إلا مــــن أتـــى اللــــه بقلــب ســـليم .
المــدينـة المنورة في ربيع الأول 1416هـ
خـــالد أحمد الشنتوت
|