تصويت

ما تقييمك للموقع ؟
 

المتواجدون الآن

يوجد حاليا 150 زوار 
محمد سرور زين العابدين يحفظه الله

الشيخ محمد سرور والاخوان السلفيين

كان الشيخ محمد سرور عضوا" في حركة الاخوان المسلمين السورية حينما غادر الشام أواخر ستينات القرن الماضي (1969-1970) بسبب نكبة الاخوان وانشقاق التنظيم على أساس تأييد أو نبذ طروحات السيد قطب وكان محمد سرور الى جانب القيادي عصام العطار والقيادي عدنان سعد الدين من أنصار "القطبية" (الدعوة الى ممارسة "الفريضة الغائبة" أي الجهاد في سبيل أقامة الحكم الاسلامي). انتقل الشيخ سرور الى السعودية حيث تطعم فكره الاخواني بالسلفية وانتهى الى تشجيع الشباب على انتهاج المعارضة المسلحة والجهاد في أفغانستان. في هذه النقطة كان هناك التقاء في المصالح بين سرور والحكم السعودي!. أسس الشيخ سرور منهج الاخوانية الحركية وتأثر بتعاليم سيد قطب ومحمد قطب وأبو الأعلى المودودي (منظر "الحاكمية") وزاوج بين السلفية الوهابية والقطبية. أقام بعد 1991 في بريطانيا "مجلة السنة" بالتعاون مع محمد العبده والتي راحت تهاجم النظام السعودي وهيئة كبار العلماء التابعة للنظام الرسمي وأيدت الثورات في الجزائر وأفغانستان وغيرها .

مؤسس تيار الاخوان السلفية تجاوز الفكر التقليدي الاخواني (حسن البنا) والسلفي (محمد بن عبد الوهاب وابن تيميه) وركز على الجمع بين نظريات سيد قطب ولا سيما تلك المتعلقة بالحاكمية واقامة الحكم الشرعي وفقه ابن تيميه ولا سيما موقفه الصارم تجاه الفرق والمذاهب الاسلامية الأخرى مثل الشيعة (تكفير المذاهب والفرق الشيعية واعتبارها من الرافضة والدعوة الى مكافحتها واستئصالها). بالتالي استمدت السرورية من ابن تيميه المضمون العقائدي الطهراني (Puritarism) وأخذت عن سيد قطب من كتابيه "معالم في الطريق" و"في ظلال القرآن" فقه الجهاد ونظرية الحاكمية المنقولة عن المودودي الباكستاني. أحسن الشيخ سرور في الفهم الحركي للقرآن والسنة النبوية وبعدما اعتمد الاخوان السعوديون كتاب "فقه السيرة" (للاخواني السوري المقيم في السعودية منير الغضبان) وكتاب "قبسات من السيرة" لمحمد قطب (المقيم في السعودية أيضا")، وضع لهم سرور مرجعا" جديدا" هو كتابه "فقه السيرة النبوية" والذي شكل منهجا" ثوريا" لتيار الصحوة الدينية في المملكة وعلى مستوى المنطقة، وقد كتب فيه حول ضرورة استثمار فهم الاسلام المعاصر عبر استنباط آلية الاستلهام (من سيرة النبي ومراحل دعوته وجهاده) بحيث اعتبر أن مرحلة الاستضعاف التي مر بها النبي محمد (ص) في المرحلة المكية والتي كان محرما" عليه فيها القتال (الجهاد) هي ليست مجرد مرحلة تاريخية ظرفية وانما حالة قد تمر بها الدعوة الاسلامية في كافة الازمان. جسد سرور هذا المعنى أكثر خلال أزمة الحركة الاسلامية في الجزائر بعد تعطيل الانتخابات واندلاع العنف المسلح سنة 1991-1992، فدعا الاسلاميين الجزائريين الى الاحجام عن استلام السلطة قائلا" لهم "يا دعاة الاسلام لم يحن وقت القطاف بعد".

الفكر السروري هو أساس الصحوة الاسلامية في المملكة السعودية والتي هي حالة خاصة متناقضة مع انغلاق البيئة السلفية السعودية تجاه الافكار الخارجية منذ عقود. نجح الشيخ سرور في استقطاب عدد كبير من التلامذة أهمهم الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي والشيخ بشر البشر والشيخ ناصر العمر والشيخ العايد والشيخ عائض القرني اضافة الى آلاف المريدين من الشباب (يحكى عن أن التنظيم السروري في الرياض يضم أكثر من 3000 عضو؟). استطاع هذا التيار السيطرة على كثير من المراكز الحساسة في الهيئات الدينية والخيرية والاعلامية في المملكة وتغلغل في المساجد والمدارس مستخدما" مجموعة من الأفكار والمناهج والآليات التي استطاع تطويرها من فكر سيد قطب ومن التجربة الحركية الاخوانية. مما لا شك فيه أن الخطاب الثوري الحركي في التيار السلفي تأثر ايضا" بطروحات الشيخ حسن الترابي، أحد مراجع الاخوان السودانيين (زعيم "الجبهة القومية – الاسلامية")، والذي دعا الى مواجهة التدخل الأجنبي في المنطقة سنة 1990 بحجة تحرير الكويت والذي حث على صحوة اسلامية في مواجهة التغريب والاستبداد وفساد أصول الفقه. ينقل الشيخ سرور عن الترابي فكرة بروز الصحوة الدينية من رحم النظام التقليدي القائم، فيقول أن الصحوة تنبت كما نبت موسى في بيت فرعون وأن وعد الله باظهار الدين في الأرض لا يرتبط بزمان ومكان، "اذا أراد الله أمرا" هيأ له الأسباب وسخرها من حيث لا يحتسب الناس". ويشير سرور ان مسألة التجديد واجب شرعي وقد جاء عنه في حديث نبوي وهو احياء السنن وتطهير الدين ورده الى ما كان عليه في العهد الأول المتمثل ب "صدر الاسلام"، وحيث يرى (سرور) أن فساد أصول الفقه وعدم وفائه بحاجات العصر نابع عن تخلفه عن الظروف التاريخية الحالية وذلك بسبب غلبة الجدل العقيم حول قضايا الاجتهاد في العبادات الشعائرية والأحوال الشخصية، بينما تقتضي المعاصرة تناول القضايا السياسية الشرعية العامة وقضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية أكثر منها القضايا الخاصة.

يهاجم المرجع سرور الفقه التقليدي الرسمي المنتهج من قبل المؤسسة الوهابية التابعة للحكم السعودي، فيشير الى أن أهل السلطة يستبدون بأمر الاجتهاد كأن في الدين كنيسة أو سلطة رسمية تحتكر الفتوى، علما" أن مسألة الاجتهاد بالنسبة اليه هي كالجهاد ينبغي أن يكون لكل مسلم منه نصيب، ويدعو الى اقامة "الفقه الشعبي" (الفقه اليومي المتحرك) الذي يشارك في انتاجه واختياره عامة الناس وفق خصائص الظروف التي يعيشونها. يعتبر محمد سرور في كتابه "منهج الأنبياء في الدعوة الى الله" أن كتب العقيدة التي وضعتها المؤسسة الوهابية التقليدية جاءت في غير عصرنا ولذلك أعرض عنها الشباب وابتعدوا عن الدين والعقيدة، وأعطى مثالا" على ذلك ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب من تطوير للأصول ودائرة المصالح بحيث أن فقهاء المدينة امتثلوا به وتبعوه في ذلك وورثوا عنه سعة الأصول وذلك عكس اللاحقين منهم من القائمين على المؤسسة الوهابية اليوم.

فقد بات الشيخ سرور اليوم مرجعا" حركيا" للشباب الصحوي السعودي من خلال امساكه بكتابي "التوحيد" و"الظلال"، وصار له أتباعا" ومؤيدين على مستوى بلدان الخليج وبلاد الشام حيث أن مجموعات المعارضة المسلحة السورية ولا سيما السلفية الجهادية منها تعتمد في أغلبها على طروحاته وكتاباته، علما" أن جماعات جهادية منهم تعتبره مرجعها الديني والفكري واضعة بذلك الرابط التنظيمي بين الحالة الاخوانية السلفية في السعودية والمعارضة المسلحة السلفية في سوريا وبلاد الشام. للمفارقة أن تيار القاعدة الذي تزعمه أسامة بن لادن مطلع تسعينات القرن الماضي تأسس على منهج الشيخ سرور ومواقفه المعادية لدخول القوات الاميركية الى السعودية والخليج سنة 1991. في هذا السياق من الربط بين المعارضة الاسلامية السنية في سوريا، فان الشيخ محمد سرور قد هاجم النظام السوري واعتبره طائفيا" ومستبدا" (حكم فرعوني فاسد يأمر الله قتاله بحسب سيد قطب والمودودي) ودعا الى دعم المعارضة السورية بعدما كان قد اتهم نظام الأسد باغتيال الرئيس رفيق الحريري بهدف اضعاف أهل السنة في لبنان وسوريا

.

جبهة تحرير سوريا الاسلامية: الارتدادات المرتقبة للثورة السورية على النظام السعودي

يقول الشيخ محمد سرور أنه لا يتعاطى مع المجلس الوطني السوري او الائتلاف الوطني وانما يتعاون مع المقاتلين والناشطين في الداخل السوري لأنه يعتبر أن القوى الموجودة في الخارج هي هلامية، ويشير الى أن معركة الاسلاميين هي مع ايران وروسيا وكذلك مع اميركا واسرائيل موجها" الانتقاد الى بعض السلفيين المؤيدين للرياض. ويضيف سرور أن قطر وتركيا مستعدتان للتعامل مع الاسلاميين والعلمانيين في نفس الوقت وليست لهما مشكلة مع أي من الجانبين، بينما السعودية والامارات والأردن لها مشكلة مع الاسلاميين ولن تقبل هذه الدول بالاخوان (أي وصول الاخوان الى السلطة) حتى لو خرجوا عن جلودهم. كما انتقد سرور السعودية وقال بأنها لا تثق بالاسلاميين حتى بالذين يتعاملون معها. في هدي هذه الطروحات التي يسوقها العلامة سرور، تأسست جبهة تحرير سوريا الاسلامية في أيلول 2012 بقيادة أحمد أبو موسى (أبو عيسى) زعيم لواء صقور الشام وهي تضم حوالي 20 مجموعة سلفية جهادية وآلاف المقاتلين، وهي أقوى من الجيش السوري الحر في كثير من المناطق. تضم الجبهة "صقور الشام"، و"كتيبة الفاروق" في حمص، و"لواء الاسلام" في دمشق، و"كتيبة عمر بن العاص" في حلب و"لواء الناصر صلاح الدين" في اللاذقية. وكانت تضم في انطلاقتها "أحرار الشام" أيضا". تنتقد قيادة جبهة تحرير سوريا ضباط ومسؤولي الجيش الحر المتواجدين في تركيا والخارج بعيدا" عن ميادين القتال، وهي تتنافس على المستوى التنظيمي والعسكري مع قوتين أساسيتين في المعارضة العسكرية السورية وهما "جبهة ثوار سوريا" (الموالية للاخوان المسلمين) و"جبهة النصرة" (الموالية لتنظيم القاعدة).

تقول المعطيات الاستخبارية الأميركية أن جبهة تحرير سوريا تضم نحو 35 ألف مقاتل ما يجعلها بنفس أهمية جبهة النصرة والجيش الحر وبل يجعل منها القوة الأبرز الى جانب جبهة النصرة كاطار جامع لكافة القوى والكتائب والمجموعات الجهادية في سوريا. لم يتمكن التيار الاخواني السوري بقيادة رياض الشقفة من التعادل في القوة حتى الآن مع جبهة تحرير سوريا، علما" أن "جبهة ثوار سوريا" هي امتداد لتجربة "الطليعة المقاتلة" الاخوانية التي قاتلت عسكريا" نظام الأسد بين 1979-1980 ونفذت العديد من عمليات الاغتيال والتفجير في تلك الحقبة المذكورة، وقد مثلت آنذاك الجناح العسكري السري للاخوان (تجدر الاشارة ان رياض الشقفة مرشد الاخوان حاليا" كان عضوا" في صفوف الطليعة المقاتلة في ثمانينات القرن الماضي). فجناح الطليعة المقاتلة كما جبهة ثوار سوريا اليوم امتداد أيضا" لاتجاه عصام العطار وعدنان سعد الدين والشيخ محمد سرور تاريخيا" بسبب انتمائهم جميعا" للفكر "القطبي" الجهادي.

تحاول قيادة الاخوان الرسمية اليوم أن تتسابق مع التيار السروري في استقطاب المقاتلين السلفيين في ميدان المعركة في سوريا. ولكن، يبقى المجتهد محمد سرور المرجع الأوحد لكل الحركة السلفية الجهادية المنبثقة من الرحم الاخواني، حتى لو تواصل محمد سرور مع المقاتلين في جبهة تحرير سوريا بواسطة الموفدين من الخارج (المرسلين من الأردن أو من مصر أو من الخليج). تحاول جبهة ثوار سوريا الموالية للاخوان استمالة بعض المجموعات المنضوية في اطار جبهة تحرير سوريا على غرار "انصار الاسلام" أو "احرار الشام". الا أن التعاطي المرن لمريدي التيار السروري يسمح لهم بالانتقال بين السلفية والاخوانية بحسب الظرف والمكان والحاجة التكتيكية، مما يجعل من اطار جبهة تحرير سوريا أكثر فعالية ودينامية في ضم واستقطاب معظم التشكيلات السلفية الجهادية. فالسرورية في سوريا ليست حركة تربوية سنية صوفية (حركة تصوف وتعبد) وانما هي حركة شباب ثوري وحركة مساجد ومتاريس وساحات جهاد وأممية تعمل على مستوى المنطقة وتربط بين مختلف الساحات العربية ولا سيما بلاد الشام وأرض الحرمين (سوريا والجزيرة العربية). يقول الشيخ محمد سرور في جبهة تحرير سوريا أنها طليعة التيار السلفي الحركي الذي أسقط أسطورة ولي الأمر وضرورة احترامه و مبايعته (الخروج عن طاعة المؤسسة الرسمية الدينية)، وأنها تقود الأمة في الملمات لأنها تمثل في هذه اللحظة اتحاد العلماء الحركيين والشباب الصحوي المجاهد على امتداد المنطقة.

لا تنتهي معركة جبهة تحرير سوريا في بلاد الشام رغم استهدافها من قبل مجموعة "الجامية" الموالية للاسلام الوهابي الرسمي في المملكة والتي تتهم التيار الاخواني السلفي بالخروج عن طاعة ولي الأمر (خادم الحرميين الشريفين)، وانما تستأنف هذه المعركة على أرض السعودية بسبب الترابط بين تيار الصحوة في المملكة وجبهة تحرير سوريا والقوى الاخوانية الجهادية في بلاد الشام. ليس سرا" ان محمد سرور هو منظر السلفية الجهادية وهو الذي أمن لتنظيم القاعدة الأسس العقائدية والمفاهيم الشرعية لجهاده منذ مطلع تسعينات القرن الماضي. كما أنه يؤمن اليوم لجبهة تحرير سوريا وكافة "المقاتلين الجهاديين" في سوريا المرجعية الدينية والأيدولوجية. من هنا تنبع مخاوف النظام السعودي بحيث أن انتصار الاخوان السروريين في سوريا سيعتبر انتصارا" لتيار المعارضة الدينية في السعودية (تيار الصحوة والاصلاح الديني)، ما يشكل تهديدا" مباشرا" للأمن القومي السعودي ويضع قيادة المملكة في مواجهة مباشرة مع هذا التيار داخل المملكة وكذلك في سوريا حتى يتم قطع الطريق على وصولها الى سدة السلطة في بلاد الشام. لن تحتمل قيادة آل سعود سيطرة الاخوان السلفيين على حكومات سوريا والأردن – ولبنان – وخاصة بعد سيطرة الحالة الاخوانية – السلفية على الحكم المصري والليبي والتونسي الخ….لا تحتمل الرياض أن تقود مصر الاخوانية بما تمثل من ثقل عربي وسني وتاريخي لمجمل المعارضة العربية الاسلامية في محاكاة متكررة لتجربة مصر الناصرية. فالقاهرة بقيادة محمد مرسي الاخواني قد تزاحم الرياض الوهابية بقيادة آل سعود على زعامة العالم العربي والاسلامي. تركيا الاخوانية لا يمكن أن تحل مكان زعامة المملكة السعودية ولكن مصر العربية السنية تشكل منافسا" حقيقيا" لدور الرياض بالرغم من ضعف اقتصادها ومواردها المالية. فما بالك اذا كانت مصر الاخوانية لها امتداد على مستوى الاقليم في شمال افريقيا وبلاد الشام مما يضع السعودية وسط طوق (اخواني) جيوسياسي واستراتيجي محكم.

تعيش المملكة السعودية منعطفا" تاريخيا" بسبب الثورات الاخوانية في الشرق الأوسط وبسبب صعود الثورة الاسلامية السنية (بقيادة الاخوان السلفيين) التي تشكل ردا" على الأنظمة الاسلامية التقليدية (على غرار المملكة السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية) من جهة وعلى التحدي الذي تشكله الثورة الاسلامية الشيعية (بقيادة ايران الخمينية) من جهة أخرى. اذا كان حزب الله اللبناني يمثل طليعة الثورة الاسلامية الشيعية في المنطقة، فان جبهة تحرير سوريا الاسلامية والتيار الاخواني السلفي في كل من بلاد الشام والمملكة السعودية تمثل طليعة الثورة الاسلامية السنية المعاصرة!. فالارتداد المرتقب لأي انتصار للتيار السلفي الجهادي في سوريا هو التأثير مباشرة على مستقبل النظام السعودي ومؤسسته الهرمية الدينية.

فالوضع في كل من سوريا والسعودية وبلدان الخليج كالأواني المستطرقة والمتداخلة بحيث أن انتصار او انهزام الحالة الجهادية في سوريا سوف يؤثر مباشرة على حالة الصحوة الدينية في المملكة السعودية. انتصار محمد سرور وجبهة تحرير سوريا في بلاد الشام هو انتصار، على سبيل المثال، للشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي في السعودية. كما أن انتصار جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني في سوريا هو انتصار لأسامة بن لادن وماجد الماجد في السعودية. ليس غريبا" أن نشهد اليوم اعتقال السلطات الاماراتية والبحرينية والسعودية للخلايا الاخوانية السرية في تلك البلدان تحت حجة تحضيرها لأعمال انقلابية. هذا دليل قاطع على التأثير السببي والموضوعي بين ما يحصل في بلدان الخليج وبلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا. فاذا كانت قضية خلافة الملك عبد الله بن عبد العزيز تشهد على المستوى الاقليمي تحدي صعود الاخوان وعلى المستوى الداخلي تحدي النهضة الدينية السلفية (وليس الحراك الشيعي)، فذلك قد يؤدي بقيادة آل سعود الى مراجعة سياساتها في المحيط الاقليمي بشكل يمنع تنامي التيار الاخواني ووصوله الى مواقع القرار. كما قد تؤدي تلك المراجعة الى الانفتاح على ايران في الخليج وعلى التيار الشيعي (حزب الله) والجماعات الأقلوية في بلاد الشام، وذلك كمقدمة لاستراتيجية مضادة للثورة الاسلامية الاخوانية في الشرق الأوسط. والأنكى، اذا كانت هذه الثورة الاسلامية الاخوانية المذكورة مدعومة من تركيا وقطر والسلفيين المصريين والليبيين (عبد الحكيم بلحاج – سفيان بن قمو) والتونسيين واليمنيين …!. فأي مصير ينتظر المملكة في السنوات القليلة القادمة؟ والى أين المفر !؟

تيار الصحوة الاسلامية

ان صلة حبل السرة بين تيار الصحوة الاسلامية في السعودية وبين اخوان سوريا بنسختهم السرورية، تشعل الضوء الاحمر داخل اروقة الاستخبارات السعودية المولجة بتقدير امن المملكة القومي، وايضا بسلامة النظام هناك. وتيار الصحوة في السعودية يمتاز انه حركة لديها امكانية طرح نفسها فيما لو تأمن لها شرط سقوط سوريا بيد الاخوان، كبديل جدي للاسرة المالكة السعودية، نظرا للعوامل او المزايا التالية:

اولا"– في حال وصل الاخوان المسلمين سليلي الصلة باخوان السعودية (تيار الصحوة) الى حكم سوريا، فهذا سيقود الى نقل عدواهم حتما" الى الاردن. وهذا يخلق واقعا" يشد من عضد الصحوة السعودية في الجوار. كما يشكل هذا الامر مدخلا" لنقل احداث الثورة العربية من الدول العربية الفقيرة الى الدول الثرية.

ثانيا" – الصحوة هي جزء صميمي من تركيبة المجتمع السعودي السني. وعليه لن يكون هناك فيتو مذهبي بوجه وصولها الى الحكم. كما ان شيعة السعودية قد يجدون لانفسهم حيزا" في تحركهم على قواعد مشتركة لن يعدم الطرفان وسيلة لصياغتها.

ثالثا" – قد لا يكون الوضع الدولي ممانعا" لحصول هذا التطور. فالصحوة ستبرز في هذه الحالة وكأنها امتداد لربيع الاخوان الذي حصل في سوريا ومصر، بدعم دولي غربي.

وكل الوقائع المستقاة من داخل السعودية تؤشر الى ان الصحوة تتحرك على نحو تقيس فيه خطواتها الاعتراضية على النظام، بما يجري حولها في الدول العربية وبخاصة في سوريا. فهي بدأت قبل اشهر بحملة تظاهرات ارست خلالها تقليد غير مسبوق في تنظيم الاعتراضات. وقوامه ان مؤيديها اتخذوا من السوبرماركات الكبيرة ميادين لتسيير تظاهرات " طيارة " في طوابقها. ويسارع هؤلاء المتظاهرون الى الفرار عندما تاتي قوى الامن. ويجري في الرياض بين 3 الى 4 تظاهرات من هذا النوع كل اسبوع. ويعتبر  الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي وعايد المقرن ابرز قادة تيار الصحوة الاسلامية في السعودية.

وأصل الصحوة جاءت من رحم الحركة الوهابية. ولكن حينما حصل الغزو الاميركي للعراق، ودخلت قوات اميركية واجنبية الى الخليج، اعترضت حالات  داخل الوهابية على هذا الامر. وتبلور هذا الاعتراض لاحقا" ضمن اطار تيار الصحوة الاسلامية. ثم اثر ذلك بدأت مرحلة الصراع بين الاسرة الحاكمة والوهابية الرسمية وتيار الصحوة. وكان الشيخ العودة وجه قبل فترة قصيرة رسالة مفتوحه للملك تدعو لاصلاح جدي ومشاركة الشعب بالحكم. لم تلجأ السلطات السعودية لاجرءات اضافية ضده، بل اكتفت بابقاء قرار منعه من السفر سارياً. ولكن المملكة تراقب عن كثب تحرك الاخوان المسلمين في المنطقة وصلة تاثيرات ذلك على تيار الصحوة الموجود داخلها.

ويشكل هذا الترقب اولوية لجهة الخلفيات التي تحدد سياسة السعودية اليوم على مستوى الداخل وفي المنطقة. فأهم هدف استراتيجي الان في المنطقة العربية هو محاربة الاخوان المسلمين، وهذا الامر شكل نقطة افتراق بين السعودية وقطر، وهذا سبب الافتراق بينهما بخصوص رؤيتهما لما بعد الاسد او حتى لحل معه.

لم يزل الهدف السعودي تجاه سوريا على حاله: اسقاط الاسد، والسير في هذا الاتجاه مع الخط الاميركي. هذا في حين ان قطر تقوم ببناء حيثيات معارضة سورية مؤيدة لها من الاخوان المسلمين وسلفيين اخرين. وبمقابلها تمضي  السعودية ببناء حيثية داخل المعارضة السورية موالية لها وتتشكل بمعظمها من الضباط والجنود المنشقسن عن الجيش السوري. وخطة السعودية على هذا الصعيد تقوم على العداء للاخوان وللقاعدة في سوريا.

وليس خافيا" انه يوجد لدى الصحوة اجندة مطالب كثيرة وتاريخية، تمكنها من التحرك تحتها. فمثلا"، هناك سجناء كثر من انصارها مسجنون داخل المملكة. وهي تطالب باطلاقهم، وقد يشكل الان رفع الصوت لتحريرهم، اول الشرارة التي يتم قدحها لبدء تدحرج كرة ثلج اعلان الربيع العربي في السعودية

.

الملك يرتب البيت الداخلي

وبازاء هذه التحديات قام الملك عبد الله، قبل نحو ثلاثة اشهر، بترتيب صيغة تجديد الحكم داخل العائلة المالكة. والصيغة الجديدة تتالف من الطقم التالي: الامير بندر بن سلطان – الامير متعب بن عبد الله – وزير الداخلية محمد بن نايف – الامير مقرن بن عبد العزيز، وهو اصغر الابناء للملك عبد العزيز بن سعود، والمرشح لأن يكون ملكا" للمرحلة الجديدة في السعودية. ويشرف على هذا الطقم الذي سيقود المرحلة السياسية القادمة في السعودية ابتداءا" من الان الملك عبد الله .وتكمن أهمية هذا الطقم القيادي للمملكة، ودواعي الاسباب التي قادت الملك عبد الله الى اختيار اعضائه،  بالتالي :

اولا" – يلبي هذا الطقم حاجة المملكة لتظهير طقم سياسي جديد في قيادة العمل السياسي في المملكة. فكل اسماء الطقم الجديد، هم معروفين خارجيا" ولكن ليسوا من بين اصحاب النفوذ المباشر داخل السعودية. ويراد لهذا الطقم ان يعلن انهاء عهد الملوك العجزة والبدء بتجديد الطقم الحاكم .

الخط الثاني في الحكم داخل العائلة، الذي هو خارج هذه التركيبة القيادية الجديدة، يتمثل بولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز. وسبب ابعاده ان سلمان يعتبر جديدا" في تركيبة الحكم على مستوى السلطة التنفيذية. ورغم وزن سلمان السياسي، الا انه لا يتعبر من المتصدين لهذا الطقم الجديد. وهو في هذه المرحلة يحاول ادخال احد ابنائه الى الى داخل تركيبة الطقم الجديد للحكم، ولكن غير متوقع نجاحه (لديه ولدان يتعاطان الشان السياسي ولكن بشكل هامشي، الاول ضمن الهيئة السياحية والثاني عينه مستشار خاص له).

هناك ايضا" امير منطقة مكة خالد الفيصل. وينتظر ان يتم تغييره لانه خارج التركيبة الجديدة. ومشكلته انه كبير في السن (72 عاما")  على هذه التركيبة ولا يحبه الملك. وهناك ايضا" فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، حفيد عم الملك (اسمه محمد الكبير)، تم تعيينه نائب وزير الدفاع مكان الامير خالد بن سلطان، تمت ازاحته لانه حاول انشاء تركيبة مع سلمان خارج تركيبة الملك.

امر ثاني يتفاعل الان داخل المملكة حول قرار الذهاب في سياسة تصعيد مع الشيعة السعوديين: كان الامير سلمان ينتهج سياسة معتدلة في التعاطي مع الملف الشيعي داخل المملكة. ولكن تم اسناد هذا الملف حاليا الى الامير محمد بن نايف. والسبب وراء سياسة التصعيد مع الشيعة تعود لمقاربة داخلية لدى الاسرى الحاكمة توازي بين ضرب السنة من تيار الصحوة وبين الشيعة المتطرفين من خط الشيخ حسن الصفار ( كان سابقا" صلة الوصل بين الشيعة والحكومة). فالحكم السعودي يقرر ضرب الشيعة المتطرفين حتى يخيف السنة المتطرفين. وبهذه الحالة يضمن ان الصحوة لن تقف ضد ضرب الشيعة.

About these ads

 

 
RocketTheme Joomla Templates